كتاب مصابيح الجامع (اسم الجزء: 3)

(ما يزال الرجل يسأل الناس حتى يأتي يومَ القيامة ليس على وجهه مزعةُ لحم): المُزْعة -بميم مضمومة وزاي ساكنة وعين مهملة-: قطعة يسيرة، وهذا يدل على الوعيد لمن سأل سؤالاً كثيراً، والبخاري فهم أنه وعيد لمن سأل تكثّراً، والفرقُ بينهما ظاهر، فقد يسأل دائماً، وليس متكثراً (¬1)؛ لدوام افتقاره واحتياجه، لكن القواعد تبين أن المتوعَّد هو السائل عن غنى وكثرة؛ لأن سؤال الحاجهٌ مباح، و (¬2) ربما ارتفع عن هذه الدرجة، وعلى هذا ترك البخارى الحديث، وقد علمت أن الناس يقولون في المجاز: أراق السؤالُ ماءَ وجهه، وقلت في هذا المعنى:
قَال لِي إِذ أَرَاقَ مَاءَ المحَيَّا. . . وَتَعَاطى السُّؤَالَ مِنْ غَيْرِ فَاقَهْ
لِيَ عِرْض مطَهَّرٌ قلتُ لَكِنْ. . . أَنْتَ نَجَّستَهَ بتِلْكَ الإِرَاقَهْ
فتوعّد هذا السائل من جنس المجاز المستعمل، لكن بالحقيقة الإشارة (¬3) إلى أن (¬4) لحمَ وجهه يذهب، فكيف بمائه؟
870 - (1475) - وَقَالَ: "إِنَّ الشَّمسَ تَدنُو يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يَبْلُغَ الْعَرَقُ نِصفَ الأُذُنِ، فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ، اسْتَغَاثُوا بآدَمَ، ثُمَّ بمُوسَى، ثمَّ بمُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - ". وَزَادَ عبد الله: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبي جَعْفَرٍ: "فَيَشْفَعُ
¬__________
(¬1) في "ن": "بمستكثر".
(¬2) "و" ليست في "ج".
(¬3) في "ن" و"ج": "إشارة".
(¬4) "أن" ليست في "ج".

الصفحة 437