كتاب مصابيح الجامع (اسم الجزء: 3)
قال الزمخشري: ومعناه: أنهم إن سألوا، سألوا بلطف، ولم يُلْحفوا.
وقيل: هو نفي للسؤال والإلحاف جميعاً؛ كقوله:
عَلَى لاحِبٍ (¬1) لا يُهْتَدَى بمَنَاره
يريد: نفيَ المنار والاهتداءَ به. انتهى (¬2).
ولا يخفى أن هذا الوجه -أعني: نفيَ السؤال والإلحاف جميعاً- أدخَلُ في التعفف، وفي أن يحسبوا أغنياء، لكن الزمخشري جعله كالمرجوح؛ لما أن هذه الطريقة إنما تحسُن إذا كان ذلك القيد بمنزلة اللازم؛ فإن الغالبَ من حال المنار (¬3) أن يُهتدى به، فيكون نفيُ اللازم نفياً للملزوم بطريق برهاني، وليس الإلحاف بالنسبة إلى السؤال كذلك، بل لا يبعد أن يكون ضدَّه، وهو الرفقُ والتلطف أشبه باللازم.
871 - (1476) - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنهالٍ، حَدَّثَنَا شعبَةُ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ -رَضيَ اللهُ عَنْهُ-، عَنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: "لَيْسَ الْمِسْكِينُ الَّذِي تَرُدُّهُ الأكلَةُ وَالأكلَتَانِ، وَلَكِنِ الْمِسْكِينُ الَّذِي لَيْسَ لَهُ غِنًى، وَيَسْتَحْيِى، أَوْ لَا يَسْأَلُ النَّاسَ إِلْحَافاً".
(الأكُلة والأكلتان): -بضم الهمزة-؛ أي: اللقمة واللقمتان، وأما
¬__________
(¬1) في "ج": "لا علي حب".
(¬2) انظر: "الكشاف" (1/ 346).
(¬3) في "ن": "المناد".
الصفحة 439
475