وهذا ما صنعه الصحابة رضوان الله عليهم:
فقد ثبت أِن عمر رضي الله عنه قال لأُبي بن كعب رضي الله عنه: ما منعك أن تأتينا؟، فقال: أتيت فسلمت على بابك ثلاث مرات، فلم تردَّ عليّ، فرجعت، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا استأذن أحدكم ثلاثًا فلم يؤذن له، فليرجع " (1) .
* ولابد أن يُعَين المستأذِنُ اسمه، ليؤذن له أم لا، فربما يكون شخصا غير مرغوب فيه، أو ربما يكون أهل البيت على حالة لا تخول لهم استقبال الزائرين، فعن جابر رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فدققت الباب، فقال: "من ذا؟ " فقلت: أنا، فقال: "أنا، أنا؟! " كأنه كرهها (2) .
- وتبلغ عناية الإسلام بأدب الاستئذان آفاقًا لا تُطاول، ودرجة من الخلق الكريم، الذي لم تعرف الدنيا له مثيلًا، فلم يخول للابن أن يدخل على أمه أو أخته دون استئذان.
رُوي في حديث عطاء بن يسار أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أسْتَأذِنُ على أمي؟ فقال: "نعم "، فقال: إني معها في البيت؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "استأذن عليها"، فقال الرجل: إني خادمها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "استأذن عليها، أتحب أن تراها عُريانة؟ "، قال: لا، قال: "فاستأذن
__________
(1) رواه البخاري (11/ 29) في الاستئذان: باب التسليم والاستئذان ثلاثا، وفي البيوع والاعتصام، ومسلم رقم (2153) في الآداب: باب الاستئذان، والموطأ (2/ 963- 964) في الاستئذان: باب الاستئذان، وأبو داود أرقام (5180:
5184) في الأدب: باب كم مرة يسلم الرجل في الاستئذان، والترمذي رقم (2691) في الاستئذان والآداب: باب ما جاء في الاستئذان ثلاثَا.
(2) رواه بنحوه البخاري (11/ 37) في الاستئذان: باب إذا قال: من ذا؟ قال: أنا، ومسلم رقم (2155) في الآداب: باب كراهة قول المستأذن أنا إذا قيل: من هذا؟ وأبو داود رقم (5187) في الأدب: باب الرجل يستأذن بالدقِّ، والترمذي رقم (1712) في الاستئذان: باب ما جاء في التسليم قبل الاستئذان.