كتاب النكت الجياد المنتخبة من كلام شيخ النقاد (اسم الجزء: 3)

الفصل الثاني
في منزلة السنة من الدين
قال المعلمي في "الأنوار الكاشفة" (ص 21):
* فأما منزلة السنة جُمْلَةً من الدين فلا نزل بين المسلمين ن ما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من أمر الدين فهو ثابت عن الله عز وجل، ونصوص القرآن في ذلك كثيرة، منها: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: 80].
وكل مسلم يعلم أن الإيمان لا يحصل إلا بتصديق الرسول فيما بلغه عن ربه، وقد بلغ الرسول بسنته كما بلغ كتاب الله عز وجل.
* ثم تكلم الناس في الترتيب بالنظر إلى التشريع، فمِنْ قائلٍ: السنة قاضية على الكتاب، وقائلٍ: السنة تُبين الكتاب، وقائل: السنة في المرتبة الثَّانية بعد الكتاب، وانتصر الشاطبي في "الموافقات" لهذا القول وأطال.
ومما استدل به هو وغيره قول الله عز وجل: {وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (89)} [النحل: 89].
{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90)} [النحل: 90].
قالوا: فقوله {تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} واضح في أن الشريعةَ كلَّها مُبَيَّنَةٌ في القرآن، ووجدنا الله تعالى قد قال في هذه السورة {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}. [النحل: 44].

الصفحة 32