كتاب النكت الجياد المنتخبة من كلام شيخ النقاد (اسم الجزء: 3)

ذكرهما الشافعي في "الرسالة" ثم قال (ص 104): "وأي هذا كان فقد بين الله أنه فرض فيه طاعة رسوله ... ".
وبالغ بعضهم فقال: كل ما بلَّغه الرسول فَهِمَهُ من القرآن، ونسبه بعض المتأخرين إلى الشافعي.
فعلى هذا كان القرآن في حق الرسول تبيانا لكل شيء وتفصيلًا، فأما في حق غيره فعلى ما مر، والله الموفق. اهـ.
ثم تعقب المعلمي (ص 23) قولَ بعض المتأخرين:
"والنبي مبين للقرآن بقوله وفعله، ويدخل في البيان: التفصيل والتخصيص والتقييد، لكن لا يدخل فيه إبطال حكم من أحكامه أو نقض خبر من أخباره، ولذلك كان التحقيق أن السنة لا تنسخ القرآن".
فقال: أقول:
* أما الإبطال ونقض الخبر بمعنى تكذيبه فهذا لا يقع من السنة للقرآن ولا من بعض القرآن لبعض.
فالقرآن كله حق وصدق {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42)} [فصلت: 42].
* وأما التخصيص والتقييد ونحوهما والنسخ فليست لإبطال ولا تكذيب، وإنما هي بيان:
1 - فالتخصيص مثلًا إن اتصل بالخطاب بالعام؛ كأن نزلت آية فيها عموم ونزلت معها آية من سورة أخرى فيها تخصيص للآية الأولى، أو نزلت الآية فتلاها النبي -صلى الله عليه وسلم-، وبيَّن ما يخصصها: فالأمر واضح؛ إذ البيان متصل بالمبيَّن، فكان معه كالكلام الواحد.

الصفحة 34