كتاب النكت الجياد المنتخبة من كلام شيخ النقاد (اسم الجزء: 3)

أقول: الدولابي حافظ حنفي له ترجمة في (لسان الميزان) ج 5 ص 41 وهو بريء من هذه الحكاية إن شاء الله إلا في قبوله لها من ابن الثلجي وروايتها عنه. كان ابن الثلجي من أتباع بشر المريسي جهميًا داعية عدوًا للسنة وأهلها ... فأما ما نسب إليه من التوسع في الفقه وإظهار التعبد فلا يدفع ما تقدم.
وحكايته هذه يلوح عليها الكذب، وإبراهيم بن عبد الرحمن بن مهدي ولد أبوه سنة 135 فمتى ترى ولد إبراهيم؟ ومولد ابن الثلجي كما ذكر عن نفسه سنة 181 فمتى تراه سمع من إبراهيم؟ وفي ترجمة قيس بن الربيع من (التهذيب) شيء من رواية ابن المديني عن إبراهيم، وهذا يشعر بأنه عاش بعد أبيه، وأبوه مات سنة 198، فإذا كان إبراهيم مات سنة 200 فمتى تراه ولد؟ وقد قال الخليلي: "مات وهو شاب لا يعرف له إلا أحاديث دون العشرة، يروي عنه الهاشمي جعفر بن عبد الواحد أحاديث أنكروها على الهاشمي، وهو من الضعفاء".
وحماد بن سلمة توفي سنة 167، ومقتضى ما تقدم أن يكون إبراهيم حينئذ إما صبيا وإما لم يولد، فمتى صحب حماد بن سلمة حتى عرف حديثه وعرف أنه لم يكن يروي تلك الأحاديث حتى خرج إلى "عبادان"؟ وكيف عرف هذا الأمر العظيم ولم يعرفه أبوه وكبار الأئمة من أقران حماد وأصحابه؟ وكلهم أبلغوا في الثناء على حماد كما يأتي، ولا داعي إلى الحمل على إبراهيم لأنه لم يوثقه أحد، وذِكْرُ ابن حبان له في (الثقات) لا يجدي لأنه لم يثبت عنه أحاديث كئيرة يعرف باعتبارها أثقة هو أم لا؟ ولا إلى أن يقال لعل إبراهيم سمع ذلك من بعض الهلكي، بل الحمل على ابن الثلجي كما ذكر الذهبي.
وكذلك ما ذكره عن عباد بن صهيب مع أن عبادًا متروك، وقال عبدان: لم يكذبه الناس وإنما لقنه صهيب بن محمد بن صهيب أحاديث في آخر الأمر. فعلى هذا فعباد وهو المبتلى يابن أخيه يدخل عليه في حديثه، وفي "الميزان" أحاديث من مناكيره". اهـ.

الصفحة 524