كتاب الجامع لعلوم الإمام أحمد (اسم الجزء: 3)

قيام الساعة، ولا عند النفخة، ولا أبدًا؛ لأن اللَّه تبارك وتعالى خلقهن للبقاء لا للفناء، ولم يكتب عليهن الموت، فمن قال بخلاف ذلك فهو مبتدع مخالف وقد ضل عن سواء السبيل.
وخلق اللَّه سبع سماوات بعضها فوق بعض، وسبع أرضين بعضها أسفل من بعض، وبين الأرض العليا والسماء الدنيا مسيرة خمسمائة عام، وبين كل سماءٍ إلى سماءٍ مسيرة خمسمائة عام، والماء فوق السماء السابعة، وعرش الرحمن فوق الماء، واللَّه تبارك وتعالى على العرش، والكرسي موضع قدميه، وهو يعلم ما في السماوات السبع، وما في الأرضين السبع، وما بينهن، وما تحتهن، وما تحت الثرى، وما في قعر البحار، ومنبت كل شعرة، وكل شجرة، وكل زرع، وكل نبت، ومسقط كل ورقة، وعدد ذلك كله، وعدد الحصا، والرمل والتراب، ومثاقيل الجبال، وقطر الأمطار، وأعمال العباد، وآثارهم، وكلامهم وأنفاسهم، وتمتمتهم، وما توسوس به صدورهم يعلم كل شيء لا يخفى عليه شيء من ذلك، وهو على العرش فوق السماء السابعة، ودونه حجب من نار ونور وظلمة وما هو أعلم بها، فإن احتج مبتدع أو مخالف أو زنديق بقول اللَّه تبارك وتعالى {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} [ق: 16] وبقوله: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [الحديد: 4] وبقوله: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} [المجادلة: 7] ونحو ذلك من متشابه القرآن فقل: إنما يعني بذلك العلم؛ لأن اللَّه تبارك وتعالى على العرش فوق السماء السابعة العليا يعلم ذلك كله، وهو بائن من خلقه لا يخلو من علمه مكان، وللَّه عرش، وللعرش حملة يحملونه، وله حدٌّ اللَّه أعلم بحده، واللَّه على عرشه عز ذكره، وتعالى جده، ولا إله غيره.
واللَّه تبارك وتعالى سميع لا يشك، بصير لا يرتاب، عليم لا يجهل،

الصفحة 14