كتاب الجامع لعلوم الإمام أحمد (اسم الجزء: 3)

هو ضغث فقصها على عالم وصدق فيها، وأولها العالم على أصل تأويلها الصحيح، ولم يحرف فالرؤيا وتأويلها حينئذٍ حق، وقد كانت الرؤيا من النبيين وحيًا، فأي جاهل بأجهل ممن يطعن في الرؤيا، ويزعم أنها ليست بشيء، وقد روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أنَّ رُؤيا المؤمنِ كلامٌ يكلم الربُّ عبده" (¬1)، وقال: "الرُّؤيا من اللَّه" (¬2) وباللَّه التوفيق.
ومن السنة الواضحة البينة الثابتة المعروفة ذكر محاسن أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كلهم أجمعين، والكف عن ذكر مساوئهم والذي شجر بينهم، فمن سب أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، أو أحدًا منهم أو طعن عليهم، أو عرض بعيبهم أو عاب أحدًا منهم بقليل أو كثير، أو دق أو جل مما يتطرق إلى الوقيعة في أحد منهم، فهو مبتدع رافضي خبيث مخالف، لا قبل اللَّه صرفه ولا عدله، بل حبهم سنة، والدعاء لهم قربة، والاقتداء بهم وسيلة، والأخذ بآثارهم فضيلة.
وخير الأمة بعد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أبو بكر، وخيرهم بعد أبي بكر عمر، وخيرهم بعد عمر عثمان. وقال قوم من أهل العلم وأهل السنة: وخيرهم بعد عثمان علي. ووقف قوم على عثمان، وهم خلفاء راشدون مهديون، ثم أصحاب محمد بعد هؤلاء الأربعة خير الناس، لا يجوز لأحد إن يذكر شيئًا من مساوئهم، ولا يطعن على أحد منهم بعيب، ولا ينقص ولا وقيعة، فمن فعل ذلك فالواجب على السلطان تأديبه وعقوبته ليس له أن يعفو بل
¬__________
(¬1) رواه ابن أبي عاصم في "السنة" (486، 487)، والطبراني في "الكبير" 25/ 338، وفي "مسند الشاميين" 2/ 118 - 119 (1025 - 1026)، والضياء في "المختارة" 8/ 275 (337) من طرق ضعيفة عن عبادة بن الصامت.
(¬2) رواه أحمد 5/ 296، والبخاري (3292)، ومسلم (2261) من حديث أبي قتادة.

الصفحة 16