كتاب الجامع لعلوم الإمام أحمد (اسم الجزء: 3)

والمتعلقين بالأثر، الذين لا يُعرفون ببدعة، ولا يُطعَن عليهم بكذب، ولا يُرمَون بخلاف، وليسوا أصحاب قياس ولا رأي، لأن القياس في الدين باطل، والرأي كذلك وأبطل منه، وأصحاب الرأي والقياس في الدين مبتدعة جهلة ضُلّال، إلا أن يكون في ذلك أثر عمن سلف من الأئمة الثقات، فالأخذ بالأثر أولى.
ومن زعم أنه لا يرى التقليد، ولا يقلد دينه أحدًا فهذا قولُ فاسقٍ مبتدعٍ عدؤّ للَّه ولرسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولدينه، ولكتابه، ولسنة نبيه -صلى اللَّه عليه وسلم-، إنما يريد بذلك إبطال الأثر، وتعطيل العلم، وإطفاء السنة، والتفرد بالرأي والكلام والبدعة والخلاف، فعلى قائل هذا القول لعنة اللَّه والملائكة والناس أجمعين، فهذا من أخبث قول المبتدعة، وأقربها إلى الضلالة والردى، بل هو ضلالة، زعم أنه لا يرى التقليد وقد قلد دينه أبا حنيفة وبشرًا المريسي، وأصحابه، فأي عدو لدين اللَّه أعدى ممن يريد أن يطفئ السنن، ويبطل الآثار والروايات، ويزعم أنه لا يرى التقليد وقد قلد دينه من قد سميت لك، وهم أئمة الضلال، ورءوس البدع، وقادة المخالفين فعلى قائل هذا القول غضب اللَّه.
فهذِه الأقاويل التي وصفت مذاهب أهل السنة والجماعة، والأثر، وأصحاب الروايات، وحملة العلم الذين أدركناهم وأخذنا عنهم الحديث، وتعلمنا منهم السنن، وكانوا أئمة معروفين ثقات أهل صدق وأمانة يقتدى بهم ويؤخذ عنهم، ولم يكونوا أصحاب بدع ولا خلاف، ولا تخليط وهو قول أئمتهم، وعلمائهم الذين كانوا قبلهم، فتمسكوا بذلك رحمكم اللَّه، وتعلموه وعلموه وباللَّه التوفيق.
ولأصحاب البدع نبز وألقاب، وأسماء لا تشبه أسماء الصالحين ولا

الصفحة 18