كتاب الجامع لعلوم الإمام أحمد (اسم الجزء: 3)

والنِّفاقُ: هو الكُفْرُ باللَّهِ أَنْ يَكْفُرَ باللَّهِ ويَعْبُدَ غَيْرَهُ ويُظْهِرَ الإسْلامَ في العَلانِيَةِ مثلُ المُنافِقين الذْيْنَ كانُوا عَلَى عَهْدِ رَسُوْلِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فمَنْ أَظْهَرَ مِنْهُمُ الكُفْرَ قُتِلَ ولَيْسَ بِمِثْلِ هذِه الأحاديث التِي جاءَتْ: "ثَلاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ فَهُوَ مُنافِقٌ" هذا علَى التَّغْلِيْظِ، وتُرْوى كَما جاءَتْ، لا يَجُوْزُ لأَحَدٍ أَنْ يُفَسّرَها، وقَوْلُهُ: "لا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُم رِقابَ بَعْضٍ" ومثل قوله: "إِذا التَقَى المُسْلِمان بِسَيْفَيْهِما فالْقاتِلُ والْمَقْتُولُ فِي النّارِ" ومثل قوله: "سِبابُ المُسْلِمِ فُسُوق وَقِتالُهُ كُفْرٌ" ومثل قوله: "مَنْ قالَ لِأَخِيهِ يا كَافِرُ فَقَدْ باءَ بِها أَحَدُهُما" ومثل قوله: "كُفْرٌ باللَّه: مَنْ تبَرَّأ مِنْ نَسَبٍ، وإِنْ دَقَّ" ونَحْو هذِه الأحادِيْث، مِمّا قَدْ صَحَّ وحُفِظَ، فَإِنا نُسَلِّم لَها، وإِنْ لَمْ نَعْلَمْ تَفْسِيْرَها، وَلا نَتَكَلَّمُ فِيْها، ولا نُجادِلُ فيها، ولا نُفسِّرُها، ولَكِنّا نَرْويها كَما جاءَتْ، نُؤْمِنُ بِها، ونَعْلَمُ أَنَّها حَق، كَما قالَ رَسُوْلُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ونُسَلّمُ بِها ولا نَرُدُّها.
ولا نَتْرُكُ الصَّلاةَ عَلَى أَحَدٍ من أَهْلِ القِبْلَة بِذَنْبٍ أَذْنَبَهُ صَغِيْرًا أَوْ كبيرًا، إلَّا أَنْ يَكُوْنَ من أَهْلِ البدَعِ الذيْنَ أَخْرَجَهُمْ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من الإسْلامِ؛ القَدَرِيَّهُ، والمُرْجِئَةُ، والرَّافِضَةُ، والجَهْمِيَّةُ، فَقالَ: "لا تُصَلُّوا مَعَهُمْ ولا تُصَلُّوا عَلَيْهِمْ" (¬1)، وكَما جاءَ الحَدِيْثُ عَنْ رسُوْلِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من الأحادِيْثِ
¬__________
(¬1) رواه ابن أبي عاصم في "السنة" (328) من حديث جابر مرفوعًا: "إن مجوس هذِه الأمة المكذبون بأقدار اللَّه تعالى .. وإن ماتوا فلا تصلوا عليهم". وحسنه الألباني.
وروى الخطيب في "تاريخ بغداد" 13/ 473 من حديث أنس مرفوعًا: "إن اللَّه تعالى اختارني واختار أصحابي وأنه سيجيء في آخر الزمان قوم ينتقصونهم". . ألا ولا تصلوا معهم، ألا ولا تصلوا عليهم". وذكره ابن حبان في "المجروحين" 1/ 187 وقال: وهذا خبر باطل لا أصل له.

الصفحة 35