كتاب الجامع لعلوم الإمام أحمد (اسم الجزء: 3)

على أبي عبد اللَّه في الحكاية (¬1).
"سيرة الإمام أحمد" لصالح ص 70 - 71

قال أبو داود: سمعت أحمد يتكلم في اللفظية وينكر عليهم كلامهم، فقال له هارون: يا أبا عبد اللَّه، هؤلاء جهمية؟ فجعل يقول: هم وهم، ولم يصرح بشيء، ولم ينكر عليه ما قال من قوله: هم جهمية (¬2).
قال أبو داود: كتبتُ رقعةً وَأرسلت به إلى أبي عبد اللَّه، وهو يومئذ متوارٍ، فأخرج إليَّ جوابه مكتوبًا فيه: قلتَ: رجل يقول: التلاوة مخلوقة وألفاظنا بالقرآن مخلوقة، والقرآن ليس بمخلوق، ما ترى في مجانبته؟ وهل يسمى مبتدعًا؟ وعلى ما يكون عقد القلب في التلاوة والألفاظ؟ وكيف الجواب فيه؟ قال: هذا يجانب، وهو فوق المبتدع، وما أراه إلا جهميًّا، وهذا كلام الجهمية، القرآن ليس بمخلوق؟ قالت عائشة: تلا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ} [آل عمران: 7] الآية، فقالت: فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا رَأَيْتُمْ الذِينَ يتبعون ما تشابه منه فاحذروهم؛ فإنهم الذِينَ عَنَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ" (¬3)، والقرآن ليس بمخلوق (¬4).
"مسائل أبي داود" (1711 - 1712).
¬_________
(¬1) ذكرها الذهبي في "السير" 11/ 288 وقال: الذي استقر الحال عليه، أن أبا عبد اللَّه كان يقول: من قال: لفظي بالقرآن غير مخلوق، فهو مبتدع. وأنه قال: من قال: لفظي بالقرآن مخلوق، فهو جهمي. فكان رحمه اللَّه لا يقول هذا ولا هذا. وربما أوضح ذلك، فقال: من قال: لفظي بالقرآن مخلوق، يريد به القرآن فهو جهمي.
(¬2) رواه الخلال في "السنة" 2/ 325 (2118)، وابن بطة في "الإبانة" كتاب الرد على الجهمية 1/ 331 (131).
(¬3) رواه الإمام أحمد 6/ 48، والبخاري (4547)، ومسلم (2665).
(¬4) رواه ابن بطة في "الإبانة" كتاب الرد على الجهمية 1/ 330 (130).

الصفحة 527