ثالثها: المراد بالولي هنا: ولي المقتول، أما لو قال ولي القاتل: أنا أعلم كذبهما في رجوعهما وأن مورثي قتل .. فلا قصاص عليهما، وهذا واضح.
واعلم: أن المقتضي لوجوب القصاص عليهما هو رجوعهما مع اعترافهما بالتعمد، لا كذبهما، حتى لو تيقنا كذبهما؛ بأن شاهدنا المشهود بقتله حيأ .. فلا قصاص عليهما؛ لاحتمال عدم تعمدهما.
4555 - قول "التنبيه" [ص 214]: (وإن أكره رجلاً على أكل سم فمات منه .. وجب عليه القود) يتناول إيجاره وإكراهه حتى أكله بنفسه، وفي الثانية قولان حكاهما الداركي وغيره وحكى الرافعي عن "العدة": أن أصحهما: الوجوب، ثم قال: والوجه أن يكون كإكراهه على قتل نفسه (¬1)، ومقتضاه: تصحيح عدم الوجوب، وأرسل في "الروضة" تصحيح الوجوب، وهو مخالف لما ذكر بعده أنه الوجه (¬2)، وهو الذي صرح في "الكفاية" بنقله عن تعليق القاضي حسين و"التتمة" و"النهاية" (¬3)، كذا اقتصر في "المهمات" على هذا النقل، لكن الرافعي قد ذكر هذا البحث بعد ذلك نقلًا فقال بعد حكاية القولين في إكراهه على قتل نفسه: ويجري القولان فيما لو في "الروضة" على ذلك (¬4).
وقال شيخنا الإمام البلقيني: ليس الوجه أن يكون كإكراهه على قتل نفسه؛ لأن شرب السم قد يُرجى منه الشفاء، بخلاف قتل النفس؛ فكان الأظهر هنا: وجوب القصاص بخلاف إكراهه على قتل نفسه، وجزم الشيخ أبو حامد وغيره بالوجوب في صورة السم، وهو مقتضى نص "الأم" (¬5)، قال: وينبغي أن محل القولين: إذا علم الشارب أنه سم قاتل، فإن لم يعلم .. وجب القصاص على المكره قطعًا. انتهى.
وقد عرفت أن ما بحثه منقول، والله أعلم.
4556 - قوله: (وإن قال: لم أعلم أنه سم قاتل .. ففيه قولان) (¬6) الأصح: الوجوب.
4557 - فوله: (وإن خلط السم بطعام فاطعمه رجلاً، أو خلطه بطعام لرجل فأكله فمات .. ففيه قولان) (¬7) فيه أمور:
¬__________
(¬1) انظر "فتح العزيز" (10/ 131).
(¬2) الروضة (9/ 130).
(¬3) نهاية المطلب (16/ 59).
(¬4) فتح العزيز (10/ 131)، الروضة (9/ 130).
(¬5) الأم (6/ 42).
(¬6) انظر "التنبيه" (ص 214).
(¬7) انظر "التنبيه" (ص 214).