كتاب تحرير الفتاوى (اسم الجزء: 3)

4835 - قول "الحاوي" [ص 549]: (كلٌّ في شارع) كذلك المسجد، لكن لو جلس فيه لأمر ينزه المسجد عنه، أو نام غير معتكف .. فهو كما لو نام في الطريق، حكاه في "أصل الروضة" عن البغوي، وأقره (¬1).

فصل [في الاصطدام]
4836 - قول "التنبيه" [ص 222]: (وإن اصطدما فماتا .. وجب على كل واحد منهما نصف دية الآخر) لا يخفى أن الكلام في الحرين، وصرح به "المنهاج و"الحاوي" (¬2)، وسنتكلم عليه بعد ذلك، وقوله: (وجب على كل واحد منهما) أي: يتعلق بفعله، وهو مضروب على العاقلة، وهي دية مخففة إن كان بلا قصد، ومغلظة مع القصد، وقد صرح بذلك "المنهاج" فقال [ص 490]: (اصطدما بلا قصد .. فعلى عاقلة كلٍّ نصف دية مخففةٍ، وإن قصدا .. فنصفها مغلظة) أي: على العاقلة أيضاً كما يفهمه كلامه، وصرح به في "المحرر" (¬3)، وهذا الذي ذكرناه من أنها مع القصد على العاقلة أيضاً هو الذي نص عليه في "الأم" (¬4)، وحكاه الرافعي عن الأكثرين؛ لأن الغالب أن الاصطدام لا يفضي إلى الموت، فلا يتحقق فيه العمد المحض؛ ولذلك لا يتعلق به القصاص إذا مات أحدهما دون الآخر، وذهب أبو إسحاق إلى أنه عمد، وتجب الدية في تركتهما، واختاره الإمام والغزالي (¬5)، وعليه مشى "الحاوي" فقال [ص 577]: (وعلى عاقلة كلٍّ نصف دية الآخر، لا إن تعمدا) ثم قال شيخنا الإمام البلقيني: إنه لو كان أحدهما ضعيفاً وحركته ضعيفة بحيث يقطع بأنه لا أثر لحركته مع الآخر .. فهو كالواقف، فيهدر القوي، وعلى عاقلته دية الضعيف كما سيأتي عن الإمام في الدابتين (¬6).
4837 - قول "المنهاج" [ص 490] و"الحاوي" [ص 577] فيما إذا مات مركوباهما: (وفي تركة كل نصفُ قيمة دابة الآخر) قال الإمام: لكن لو كانت إحدى الدابتين ضعيفة بحيث يقطع أنه لا أثر لحركتها مع قوة الدابة الأخرى .. لم يتعلق بحركتها حكم؛ كغرز الإبرة في جلدة العقب مع الجراحات العظيمة، حكاه عنه في "أصل الروضة" (¬7)، وهو محتمل للقيد والوجه، وجعله شيخنا
¬__________
(¬1) الروضة (9/ 327)، وانظر "التهذيب" (7/ 184).
(¬2) الحاوي (ص 577)، المنهاج (ص 490).
(¬3) المحرر (ص 411).
(¬4) الأم (6/ 86).
(¬5) فتح العزيز (10/ 441)، وانظر "نهاية المطلب" (16/ 466، 467)، و "الوجيز" (2/ 151).
(¬6) انظر "نهاية المطلب" (16/ 466).
(¬7) الروضة (9/ 332).

الصفحة 117