كتاب تحرير الفتاوى (اسم الجزء: 3)

وهو محمول على ما إذا سرى، فإن لم يسر .. فمن الجناية كما تقدم، ووافقه النووي في "التصحيح" على أنها فيما إذا سرى من وقت الاندمال (¬1)، والوجه الثالث اختاره القفال والإمام والغزالي والروياني (¬2)، ومشى عليه "الحاوي" فقال [ص 553]: (وللجرح منه ولسراية منها) ورجحه شيخنا الإمام البلقيني، وليس في "أصل الروضة" تصريح بترجيح من عند نفسه (¬3)، ومتى أخذت عبارة "المنهاج" في السراية على إطلاقها .. لم توافق واحداً من هذه الأوجه؛ فلذلك حملناها على غير حالة السراية.
4864 - قول "التنبيه" [ص 229]: (ومن مات من العاقلة قبل محل النجم .. سقط ما عليه) أي: من قسط ذلك النجم، أما ما قبله .. فلا يسقط بعد استقراره، وقول " المنهاج " [ص 492]: (ومن مات ببعض سنة .. سقط) أبعد من هذا الإيهام.
4865 - قول "التنبيه" [ص 228]: (ولا يعقل فقير ولا صبي ولا معتوه ولا كافر عن مسلم ولا مسلم عن كافر) أهمل اعتبار الحرية، ولا بد منه، وقد ذكره "المنهاج" فقال [ص 492]: (ورقيق) وفهم منه أن المكاتب لا يعقل، ولم يثعرضوا للتصريح بالمبعض، وقال شيخنا الإمام البلقيني: الظاهر أنه لا يتحمل؛ لأنه ناقص بالنسبة إلى النصرة، قال: فإن أعتقه مالك الباقي فلم يسر عليه .. احتمل أن يحمل عنه معتقه بالنسبة إلى نصفه الحر، واحتمل ألاَّ يتحمل عنه، قال: والأول أرجح.
4866 - قول "المنهاج" [ص 492]: (ويعقل يهودي عن نصراني وعكسه في الأظهر) كذا صححه في "المحرر" و"الشرح الصغير" و"الروضة" (¬4)، وليس في "الشرح الكبير" ترجيح (¬5)، والمراد: الذمي والمستأمن إن زادت مدة العهد على أجل الدية ولم ينقطع قبل مضي الأجل.
فالحربي لا يعقل ولا يعقل عنه، قال المتولي: فلو كان لذمي أقارب حربيون وقدر الإمام على الضرب عليهم .. بُني على أن اختلاف الدار يمنع التوارث؛ إن قلنا: نعم .. فلا ضرب، وإلا .. فوجهان، حكاه عنه في "أصل الروضة" (¬6).
وتعجب منه شيخنا الإمام البلقيني؛ فإن التغريم تضمين، والحربي لا يضمن ما يتلفه بنفسه؛
¬__________
(¬1) تصحيح التنبيه (2/ 184).
(¬2) انظر "نهاية المطلب" (16/ 510، 511)، و "الوجيز" (2/ 155).
(¬3) الروضة (9/ 361، 362).
(¬4) المحرر (ص 414)، الروضة (9/ 355).
(¬5) فتح العزيز (10/ 476).
(¬6) الروضة (9/ 355).

الصفحة 129