ولا يخفى أن وجوب القصاص على المردي إذا كانت التردية يحصل منها القتل غالبا.
4562 - قول "التنبيه" [ص 214]: (وإن طرحه في لجة فالتقمه حوت قبل أن يصل إلى الماء .. ففيه قولان، أحدهما: يجب القود، والثاني: لا يجب) الأظهر: الوجوب، وعليه مشى "المنهاج" و"الحاوي" (¬1)، وعبارة "الروضة": على الصحيح المنصوص، وخرج الربيع قولاً: أنه لا قصاص (¬2).
ومقتضى كلاما "التنبيه": أنه لو كان ذلك بعد وصوله إلى الماء .. وجب قطعًا، وبه يشعر كلام الشيخ أبي حامد وغيره، والصحيح: أنه لا فرق؛ ولذلك أطلقه "المنهاج" و"الحاوي".
وخرج باللجة: ما لو كان غير مغرق .. فلا قصاص قطعًا، وبه جزم "المنهاج" (¬3)، وعليه مشى "الحاوي" (¬4)، لكن لو علم الملقي بالحوت .. كان كالمغرق، صرح به في "الوسيط" واقتضاه كلام الرافعي (¬5).
وخرج بقولهم: (فالتقمه) ما لو ألقمه فاه .. فيجب القصاص قطعاً.
وقال شيخنا الإمام البلقيني: قد يكون الماء في نفسه مغرقاً ويمكنه التخلص منه بسباحة وغيرها، فكان ينبغي أن يقول: لا يمكنه التخلص منه في الأغلب كما عبر به الشافعي رضي الله عنه (¬6).
4563 - قول "المنهاج" [ص 470] و"الحاوي" [ص 553]: (ولو أكره على رمي شاخصٍ علم المكرِه أنه رجلٌ وظنه المكرَه صيدا .. فالأصح: وجوب القصاص على المكرِه) قال شيخنا الإمام البلقيني: إنه مفرع على وجه مرجوح أن المكرَه كالآلة، والأصح: أنه شريك، قال: فالأصح المعتمد في الفتوى: أنه لا قصاص على المكرِه؛ لأنه شريكُ مخطئٍ، ثم حكاه عن "تعليق القاضي حسين" و"التهذيب" و "النهاية" و"البسيط" (¬7)، ويوافقه كلام "المنهاج" [ص 470]: (فيما إذا أكره بالغ مراهقًا .. فإنه لم يوجب القصاص على البالغ إلا إذا قلنا: عمد الصبي عمد).
4564 - قوله: (أو على صعود شجرة فزلق ومات .. فشبه عمد، وقيل: عمد) (¬8) قال بالأول
¬__________
(¬1) الحاوي (ص 555)، المنهاج (ص 469).
(¬2) الروضة (9/ 134).
(¬3) المنهاج (ص 469).
(¬4) الحاوي (ص 555).
(¬5) الوسيط (6/ 267)، وانظر "فتح العزيز" (10/ 138، 138).
(¬6) انظر "الأم" (6/ 7).
(¬7) نهاية المطلب (16/ 119)، التهذيب (7/ 67).
(¬8) انظر "المنهاج" (ص 470).