كتاب تحرير الفتاوى (اسم الجزء: 3)

الفوراني والبغوي (¬1)، وعليه مشى "الحاوي" (¬2)، وبالثاني الغزالي (¬3).
قال شيخنا الإمام البلقيني: والذي عندنا أن الأصح: أنه خطأ محض؛ لأن من الصور التي ذكرها الرافعي: أن يكرهه على صعود سلم أو نزول منحدر فتزلق رجله (¬4)، وهذا ليس بشبه عمد؛ إذ لا مدخل لصعود السلم أو نزول المنحدر في الإهلاك، ولا بصعود الشجرة الصغيرة ولا الطويلة للعارف بذلك، وإنما هذا تولد من قضية سليمة، فهو خطأ محض، ولو قيل: لا يلزم المكره شيء .. لكان له وجه.
4565 - قول "التنبيه" [ص 221]: (وإن أمر السلطان رجلاً أن ينزل إلى بئر أو يصعد إلى نخلة لمصلحة فوقع ومات .. وجب ضمانه) قال الرافعي: وجوب الضمان على جعلنا أمر السلطان إكراهاً، وقضية كلام الجمهور تصريحاً ودلالة: أنه ليس بإكراه (¬5)، وصرح في "الشرح الصغير" بأنه الأظهر.
قال في "الكفاية": لو كان هذا هو المأخذ .. لما أوجبه العراقيون؛ لأنهم لم يجعلوا أمره إكراهاً.
4566 - قول "المنهاج" [ص 470]: (أو على قتل نفسه .. فلا قصاص في الأظهر) قال شيخنا الإمام البلقيني: الصواب: القطع به، ولم أقف على القولين في منصوصات الشافعي، ولا يعرفان إلا في كلام البغوي والخوارزمي (¬6)، وحكاهما أبو الفرج الزاز وجهين، وجعل محلهما: ما إذا خؤفه بمثل ذلك القتل، فإن خوفه بعقوبة فوق القتل؛ كالإحراق والتمثيل .. فهو إكراه، ووافقه الرافعي في "الشرح الصغير" فقال: يشبه أن يكون ذلك إكراهاً، قال شيخنا: وهو غير معتبر؛ لأن نفسه ذاهبة على كل تقدير منه أو من مكرهه.
وسكوت "المنهاج" عن نفي الدية في هذه الصورة مع نفيها في الصورة التي بعدها يشعر بثبوتها هنا، وفي "الروضة" وأصلها: أن عليه نصف الدية إن أوجبنا الضمان على المكره، وجميعها إن لم نضمنه (¬7).
قال شيخنا الإمام البلقيني: وهو مردود، والصواب: عدم وجوبها؛ لعدم الإكراه حقيقة، وبه
¬__________
(¬1) انظر "التهذيب" (7/ 67).
(¬2) الحاوي (ص 553).
(¬3) انظر "الوجيز" (2/ 127).
(¬4) انظر "فتح العزيز" (10/ 142).
(¬5) انظر "فتح العزيز" (10/ 146).
(¬6) انظر "التهذيب" (7/ 67).
(¬7) فتح العزيز (10/ 143)، الروضة (9/ 137).

الصفحة 15