القصاص، وقال شيخنا الإمام البلقيني: إذا شهد العدل عند الحاكم على الوجه المعتبر وكان في خطأ أو شبه عمد .. لم يكن لوثًا، صرح به الماوردي (¬1)، وهو ظاهر؛ لأن مقتضي اللوث نقل اليمين إلى جانب المدعي، وهي هنا في جانبه ابتداء، وقول الرافعي: إن شهد العدل الواحد بعد دعوي المدعي .. فاللوث حاصل (¬2) يمكن حمله على العمد المحض؛ لعدم ثبوته بشاهد ويمين، وفي "النهاية" عن الأصحاب: لو أقام شاهدًا واحدًا وأراد أن يقدره لوثًا .. حلف خمسين يمينًا، أو لا .. حلف معه على قياس اليمين مع الشاهد، ثم استشكله: بأنا إن قلنا: يحلف مع الشاهد خمسين يمينًا .. فلا فائدة في هذا التقسيم، وإن قلنا: يمينًا واحدة والقتل خطأ .. فلا معنى لتقسيم إرادته، ويكفيه يمين واحده (¬3)، قال شيخنا: وجوابه: أن فائدة التقسيم أنا عند جعله لوثًا .. لا يحتاج إلى لفظ شهادة ولا تقدم دعوي ولا استدعاء، وإذا لم نجعله لوثًا .. احتجنا إلى ذلك.
4924 - قول "المنهاج" [ص 495]: (وكذا عبيد أو نساء) فيه أمور:
أحدها: ظاهره اعتبار صيغة الشهادة، وأصرح منه في ذلك قول "التنبيه" [ص 266]: (أو شهد جماعة من النساء أو العبيد بذلك) مع أنها لا تعتبر في العدل كما تقدم فكيف بالعبد والمرأة.
ثانيها: تناول إطلاقهما ما لو جاؤوا مجتمعين، وكذا صححه في "أصل الروضة" (¬4)، وعبارة الرافعي: إنه أقوى، لكنه قال: إن مقابله أشهر (¬5)، وقال شيخنا الإمام البلقيني: إنه ظاهر نص "الأم" و"المختصر" حيث قال: أو تأتي ببينة متفرقة من المسلمين من نواحي لم يجتمعوا (¬6)، قال: والمعروف عند الأصحاب الجري على اعتبار تفرقهم وهو المذهب، وقول الرافعي: إن مقابله أقوى ممنوع، بل الأقوي لتحصيل الظن المؤكد: اشتراط تفرقهم. انتهى.
وفي "المهمات": إن الفتوى على اشتراط تفرقهم، قال: ويشترط أيضًا ألَّا يمضي زمان يمكن فيه اتفاقهم؛ بأن يتفرقوا ثم يخبروا كما حكاه في "البيان" عن أكثر الأصحاب (¬7)، وهو ظاهر.
ثالثها: مقتضى عبارتهما: أنه لا يكتفى باثنين، وهو مقتضى عبارة "الروضة" وأصلها، ثم قالا: وفي "التهذيب": أن شهادة عبدين أو امرأتين كشهادة الجمع، وفي "الوجيز": أن
¬__________
(¬1) انظر "الحاوي الكبير" (13/ 12).
(¬2) انظر "فتح العزيز" (11/ 17).
(¬3) نهاية المطلب (17/ 15، 16).
(¬4) الروضة (10/ 11).
(¬5) فتح العزيز (11/ 16).
(¬6) الأم (6/ 90)، مختصر المزني (ص 251).
(¬7) البيان (13/ 237).