ثانيها: قال الإمام: القولان فيما أتلف بسبب القتال وتولد منه هلاكه، فلو أتلف في القتال ما ليس من ضرورة القتال .. وجب ضمانه قطعًا كالمتلف قبل القتال، حكاه عنه في "أصل الروضة"، وأقره (¬1)، وذكر نحوه أبو الفرج الزاز في "تعليقه"، حكاه عنه شيخنا الإمام البلقيني، وقال: إنه ظاهر، لكنه حمله على العادل والباغي مانع الحق دون الباغي الذي خلع الإمام ونصب غيره؛ فإنه لا ضمان عليه عنده مطلقًا كما تقدم.
ثالثها: ظاهره طرد القول بضمان الباغي في القصاص، وهو المصحح في "الروضة" وأصلها (¬2)، وفيه طريقة قاطعة بإسقاط القصاص، صححها شيخنا الإمام البلقيني.
رابعها: يستثني من إطلاقه: ما لو أتلف الباغي على العادل بُضْع أمته بالوطء .. ففي "أصل الروضة": أنه يلزمه الحد، فإن أولدها .. فالولد رقيق غير نسيب، وإن كانت مكرهة .. فهل يجب المهر؟ قيل: فيه القولان في ضمان المال، وقال البغوي: ينبغي أن يجب قطعًا كما لو أتلف المأخوذ بعد الانهزام (¬3).
ومنع شيخنا الإمام البلقيني لزوم الحد، وكون الولد رقيقًا غير نسيب في المتأول الذي يعتقد حل الوطء، قال: وتخريج ذلك على القولين في ضمان المال متعقب؛ لأن محلهما على طريقتهم فيما تلف حال القتال بمقتضي الضرورة، ويعتبر على طريقتنا التأويل مع الشوكة. انتهى.
والحق أن ذلك لا يرد؛ لأن إتلاف البضع بالوطء لا تعلق له بالقتال، والكلام إنما هو فيه.
4966 - قول "المنهاج" [ص 499]: (وعكسه - أي: ذو الشوكة بلا تأويل - كباغ) أي: فلا يضمن في الأظهر، وقال شيخنا الإمام البلقيني: انفرد به الإمام والغزالي، وهو مخالف لنصوص الشافعي والأصحاب في الطريقين أنه ضامن كقطاع الطريق (¬4).
4967 - قولهما - والعبارة لـ "المنهاج" -: (ولا يقاتل البغاة حتى يبعث إليهم أمينًا) إلى أن قال: (فإن أصروا .. نصحهم ثم آذنهم بالقتال) (¬5) أهمل من "الروضة" وأصلها بعد النصح وقبل الإيذان بالقتال دعاءهم إلى المناظرة (¬6)، وأجمل "الحاوي" ذلك بقوله [ص 580]: (ونُقدِّم النذير).
4968 - قول "المنهاج" [ص 499]: (ولا يقاتل مدبرهم ولا مثخنهم وأسيرهم) لو قال: (لا
¬__________
(¬1) الروضة (10/ 56)، وانظر "نهاية المطلب" (17/ 136).
(¬2) فتح العزيز (11/ 86)، الروضة (10/ 55).
(¬3) الروضة (10/ 56)، وانظر "التهذيب" (7/ 282).
(¬4) انظر "نهاية المطلب" (17/ 131، 132)، و "الوجيز" (2/ 164).
(¬5) انظر "التنبيه" (ص 229)، و "المنهاج" (ص 499).
(¬6) فتح العزيز (11/ 90)، الروضة (10/ 57).