لكن رجح في "تصحيح التنبيه" عدم وجوبه (¬1)، وعليه مشى "الحاوي" فقال [ص 568]: (لا خاطئاً أو سبعاً) والفرض فيما إذا كان جرح السبع يحصل منه الموت غالباً، وإلا .. فشريك شبه العمد، ومحل الطريقين على ما يقتضيه كلام الإمام: أن يقصده السبع، أما لو وقع عليه بلا قصد .. فلا قصاص قطعاً، وقال البغوي: لا فرق (¬2).
وتعبير "الحاوي" بالخاطئ لغة في المخطئ حكاها أبو عبيدة وغيره، لكن المشهور: أنه فاعل ما لا ينبغي عمداً؛ ولذلك عبر "التنبيه" و"المنهاج" بـ (المخطئ).
4601 - قول "المنهاج" [ص 473]: (ولو داوى جرحه بسم مُذففٍ .. فلا قصاص على جارحه) أي: في النفس، وعليه قصاص الجراحة إن اقتضت القصاص، وإلا .. فأرشها.
4602 - قول "التنبيه" [ص 215]: (وإن جرحه واحد جراحة وداوى هو جرحه بسم غير موح ولكنه يقتل غالباً، أو خاط الجرح في لحم حي .. فقد قيل: لا يجب القود على الجارح، وقيل: على قولين) فيه أمران:
أحدهما: الأصح: طريقة القولين، وأظهرهما: الوجوب، وعليه مشى في الأولى "المنهاج" فقال [ص 473]: (فشريك جارح نفسه، وقيل: شريك مخطىٍ) و"الحاوي"، لكنه أطلق وجوب القصاص فيما إذا شارك مداويًا (¬3)، وهو محمول على ما إذا كان يقتل غالباً وعلم حاله، وقد صرح بهما "المنهاج" (¬4)، وصرح "التنبيه" بالأول كما قد عرفت.
ثانيهما: قال الجيلي: الصواب في التعبير أن يقال: في جلد حيّ؛ إذ لا يخاط على لحم، وقال غيره: إنهم احترزوا باللحم عن الجلد؛ فإنه إذا خاط في جلد حي .. فليس بشريك.
4603 - قول "التنبيه" [ص 215]: (وإن خاط الجرح من له عليه ولاية .. ففيه قولان، أحدهما: يجب القود على الولي والجارح، والثاني: لا يجب على الولي ولا على الجارح) صحح النووي في "تصحيحه": أنه لا قود على الولي، ولم يتعرض للجارح (¬5)، وكلامه في "الروضة" وأصلها يقتضي تصحيح الوجوب على الجارح؛ فإنهما بنياه على ما لو تولاه المجروح، والأصح: الوجوب فيه كما تقدم (¬6).
وفي "الكفاية": أن النووي صحح أنه لا قصاص على الجارح، وليس كما نقل عنه،
¬__________
(¬1) تصحيح التنبيه (2/ 158).
(¬2) انظر "التهذيب" (7/ 48).
(¬3) الحاوي (ص 568).
(¬4) المنهاج (ص 473).
(¬5) تصحيح التنبيه (2/ 158).
(¬6) فتح العزيز (10/ 184)، الروضة (9/ 165).