كتاب تحرير الفتاوى (اسم الجزء: 3)

وقال في " الكفاية ": إلا بحضرة السلطان، أي: أو إذنه، فاكتفى بأحد الأمرين، وفي " المطلب " اعتبار الحضور والإذن معًا، وكذا في بعض نسخ " الكفاية "، ويندرج في تعبير " التنبيه " بـ (السلطان) و" المنهاج " بـ (الإمام) القاضي، وبه صرح الماوردي، ثم يستثنى من ذلك مسألتان:
أحدهما: السيد، فيقيم القصاص على عبده كما هو مقتضى تصحيح الرافعي والنووي أنه يقيم عليه حد السرقة والمحاربة، ثم قالا: وأجرى جماعة منهم ابن الصباغ الخلاف المذكور في القتل والقطع قصاصًا (¬1).
الثانية: قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام في آخر " قواعده ": لو انفرد بحيث لا يرى .. ينبغي أن لا يمنع منه، ولا سيما إذا عجز عن إثباته (¬2)، ويوافقه قول الماوردي: أن من وجب له على شخص حد قذف أو تعزير وكان بعيدًا عن السلطان في بادية نائية .. أن له استيفاءه إذا قدر عليه بنفسه (¬3).
ويستثنى من ذلك أيضًا: المضطر حيث يقتله ليأكله كما سيأتي في بابه.
4668 - قول " التنبيه " [ص 218]: (فإن كان من له القصاص يحسن الاستيفاء .. مكنه منه) محله: في النفس دون الطرف كما في " الحاوي " و" المنهاج " (¬4)، لكن تعبيره فيه بالأصح معترض؛ لأنه منصوص في " الأم " (¬5)، وقيد الرافعي منع تمكينه من الطرف بما إذا كان الطالب المجني عليه (¬6)، ولا معنى له؛ فإن الحيف متوقع من وارثه أيضًا إذا مات قبل الاستيفاء؛ فلذلك أطلقه غيره.
4669 - قول " المنهاج " [ص 480]: (وإن قال: " أخطأت " وأمكن .. عزله ولم يعزره) و" الحاوي " [ص 573]: (وعُزل خطأً) قال شيخنا الإمام البلقيني: إنه مخالف لنص " الأم " ولما عليه الفتوى عند أئمة المذهب، قال في " الأم ": (ولو جاء يضرب عنقه فضرب رأسه مما يلي العنق أو كتفيه وقال: "أخطأت " .. أُحَلِّف ما عمد ما صنع ولم يُعاقب، وقيل: اضْرِب عنقه) (¬7)، قال: ولا يخالفه نص " المختصر " و" الأم " أيضًا، وهو قوله: (وجبره الحاكم على أن يأمر من
¬__________
(¬1) انظر " فتح العزيز " (11/ 164، 165)، و" الروضة " (10/ 103).
(¬2) قواعد الأحكام في إصلاح الأنام (2/ 327).
(¬3) انظر " الحاوي الكبير " (13/ 454).
(¬4) الحاوي (ص 572)، المنهاج (ص 479).
(¬5) الأم (6/ 61، 62).
(¬6) انظر " فتح العزيز " (10/ 266).
(¬7) الأم (6/ 20).

الصفحة 49