كتاب تحرير الفتاوى (اسم الجزء: 3)

كتاب الجِنايات
4542 - كذا عبر به "التنبيه" و"الروضة" (¬1)، وهو أحسن من تعبير "المنهاج" و"المحرر" بالجراح (¬2)؛ لأن الجناية قد تكون بغير جراح؛ كالمثقل والتجويع ونحوهما، لكن الجراح أغلب طرقها؛ فلذلك عبر به "المنهاج".
4543 - قول "التنبيه" [ص 213]: (الجناية ثلاث: خطأ، وعمد، وعمد خطأ) أحسن من قول "المنهاج" [ص 468]: (الفعل المزهق) لتناوله غير المزهق، وقد ذكره "المنهاج" بقوله بعد ذلك [ص 475]: (يشترط لقصاص الطرف ما شُرط للنفس).
4544 - قول "التنبيه" [ص 214]: (والعمد: أن يقصد الجناية بما يقتل غالباً) يرد عليه: أنه لا بد من قصد الشخص المجني عليه بعينه، فلو قصد شخصاً فأصاب غيره .. فهو خطأ، وكذا لو قصد إصابة أحد رجلين كما في "الروضة" وأصلها في أوائل (الجنايات) وفي الكلام على المنجنيق (¬3)، واعتمده في "المهمات".
وقال شيخنا الإمام البلقيني: إنه الأرجح المعتمد، وصحح في "الروضة" من زيادته قبيل (الديات): وجوب القصاص (¬4)، وانعكس ذلك على النشائي (¬5)، ومشى "المنهاج" على الأول فقال [ص 468]: (وهو - أي: العمد -: قصد الفعل والشخص بما يقتل غالباً؛ جارحٌ أو مُثَقَّل) و"الحاوي" فقال [ص 555]: (وفي العمد بأن قصد الفعل والشخص، المحض، بأن يهلك غالباً) ثم قال: (وبجارح كثيراً) ومع ذلك فأورد عليهما شيخنا الإمام البلقيني: أنه لا بد مع قصد الشخص من أن يعرف أنه إنسان، ثم حكى عن "الصحاح" أن الشخص: سواد الإنسان وغيره تراه من بعيد (¬6)، قال: فلو رمى شخصًا اعتقده نخلة فكان إنسانًا .. لم يكن عمداً على الصحيح، وبه قطع الشيخ أبو محمد.
وقال السبكي: إن أريد بما يقتل غالباً: الآلة .. ورد غرز الإبرة في مقتل أو في غيره مع الورم والألم إلى الموت؛ فإنه عمد والآلة لا تقتل غالبًا، وإن أريد: الفعل .. ورد إذا قطع أنملة إنسان
¬__________
(¬1) التنبيه (ص 213)، الروضة (ص 9/ 122).
(¬2) المحرر (ص 386)، المنهاج (ص 468).
(¬3) فتح العزيز (10/ 120، 458)، الروضة (9/ 123، 342).
(¬4) الروضة (9/ 254).
(¬5) انظر "نكت النبيه على أحكام التنبيه" (ق 168).
(¬6) الصحاح (30/ 1042).

الصفحة 5