كتاب تحرير الفتاوى (اسم الجزء: 3)

هذا الطريق، إلا أن القصاص إنما يلزم القاطع وإن علم الحال إذا لم يوجد من المخرج بدل وإباحة. انتهى (¬1).

فصلٌ [موجب العمدِ القودُ]
4696 - قول " المنهاج " [ص 481]: (موجب العمد القود، والدية بدل عند سقوطه، وفي قول: أحدهما مبهمًا) فيه أمران:
أحدهما: يستثنى من محل الخلاف: كل موضع وجب فيه القود ولا دية فيه؛ كقتل المرتد مرتدًا .. ففيه القود ولا دية في الأصح، وكذا إذا قطع يدي الجاني .. فإنه لم يبق له سوى حز رقبته، ولا يتمكن من العفو على الدية، فيقطع بوجوب القود، ولا يأتي القولان.
ثانيهما: قال شيخنا ابن النقيب: إذا قتل الوالد ولده، أو المسلم الذمي .. فهل نقول: الواجب الدية عينًا عكس القاعدة، أو هو كغيره فيجب القود عينًا في الأصح ويعدل إلى الدية؛ لأن الأبوة وشرف الدين مسقط؟ لم أر من تعرض له، وللنظر فيه مجال، والظاهر الأول (¬2).
4697 - قول " التنبيه " [ص 217]: (وإن عفا مطلقًا .. ففيه قولان، أحدهما: لا تجب، والثاني: تجب وهو الأصح) هذا الخلاف مبني على أن الواجب القود عينا أو أحد الأمرين، فإن قلنا بالأول .. لم تجب الدية، وهو المصحح عند الرافعي والنووي والأكثرين (¬3)، وعليه مشى " المنهاج " فقال [ص 481]: (وعلى الأول لو أطلق العفو .. فالمذهب: لا دية).
واعترض عليه: بأن مقتضاه: ترجيح طريقة القطع، لكن الأرجح: طريقة الخلاف، وهو الذي في الرافعي.
وفي الاعتراض نظر؛ لأن اصطلاح " المنهاج " في التعبير بالمذهب الدلالة على أن في المسألة طريقين أو طرقًا من غير دلالة على الراجح منها، غير أن المذكور يكون هو الراجح في الجملة، وصحح النووي في " نكته على التنبيه ": أن الواجب أحد الأمرين، ولا اعتماد على ذلك.
ويستثنى من ذلك: ما لو اختار الدية بعد العفو على الفور .. ففي " أصل الروضة " عن ابن كج: أنه تثبت الدية، ويكون اختيارها بعد العفو كالعفو عليها، قال: وحكي عن النص أن هذا الاختيار يكون عقب العفو، وعن بعض الأصحاب: أنه يجوز فيه التراخي (¬4).
¬__________
(¬1) الروضة (10/ 151).
(¬2) انظر " السراج على نكت المنهاج " (7/ 210).
(¬3) انظر " فتح العزيز " (10/ 291)، و " الروضة " (9/ 241).
(¬4) الروضة (9/ 241).

الصفحة 61