وقال شيخنا الإمام البلقيني: كلامه يوهم أن المراد: بلد من لزمته كما سبق في قوله: (وإلا .. فغالب إبل بلده) وليس كذلك، فالمراد هنا: بلد العدم المفهوم من قوله: (فإن عدمت).
وفي " أصل الروضة ": هل تعتبر قيمة موضع الوجود أم موضع الإعواز لو كانت فيه إبل؟ وجهان: أصحهما: الثاني (¬1).
قال شيخنا الإمام البلقيني: ومحل الخلاف: أن تعدم الإبل في بلد الجاني وفي أقرب البلاد إليه، وتوجد في بلد لا يجب النقل من مثله .. فهل تعتبر قيمة موضع الوجود الذي لا يجب النقل من مثله، أم موضع الإعواز وهو أقرب البلاد؛ قال: واعتبار موضع الوجود غلط فاحش، وموضع الإعواز مشكل؛ إذ ليس به شيء تعتبر قيمته، إلا أن يحمل على أنه به نوعًا معيبا .. فيقوم سليمًا باعتبار موضع الإعواز.
4728 - قولهم: (ودية اليهودي والنصراني ثلث دبة السلم) (¬2) المراد: من تحل مناكحته، فمن لا يعرف دخول أصوله في ذلك الدين قبل النسخ أو بعده، أو قبل التحريف أو بعده .. لا يناكح، ويقر بالجزية، وتجب فيه دية مجوسي.
4729 - قولهما: (ومجوسي ثلثا عُشر مسلم) (¬3) لو عبرا بثلث خمس كما عبر به " الحاوي " (¬4) .. لكان أولى؛ لتصويب الحساب له؛ لكونه أخصر؛ فإن في الثلثين تكريرًا ليس في الثلث.
4730 - قول " التنبيه " [ص 223]: (ومن لم تبلغه الدعوة .. فالمنصوص: أنه إن كان يهوديًا أو نصرانيًا .. وجب ثلث الدية) محمول على ما إذا تمسك من ذلك بغير مبدل، فإن تمسك بالمبدل .. فالواجب فيه دية مجوسي؛ ولذلك قال " الحاوي " [ص 556، 557]: (ومن لم تبلغه دعوة نبي أو دعوتنا وبذل .. ثلث الخمس، وإن لم يبدِّل .. فدية دينه) و" المنهاج " [ص 484]: (والمذهب: أن من لم يبلغه الإسلام إن تمسك بدين لم يُبدّل .. فدية دينه، وإلا .. فكمجوسي) لكن تعبيره بالمذهب يقتضي أن الخلاف فيه طريقان، وهو في " الروضة " وأصلها وجهان (¬5)، وقد عرفت أن " التنبيه " حكى أحدهما عن النص، ورجح شيخنا الإمام البلقيني ما اقتضاه كلام " التنبيه " من وجوب ثلث الدية ولو تمسك بمبدل، وقال: إنه ظاهر النص، ورجحه جماعة، ودخل في قول " المنهاج " [ص 484]: (وإلا .. فكمجوسي) من لم تبلغه دعوة
¬__________
(¬1) الروضة (9/ 262).
(¬2) انظر " التنبيه " (ص 223)، و" الحاوي " (ص 556)، و" المنهاج " (ص 484).
(¬3) انظر " التنبيه " (ص 223)، و " المنهاج " (ص 483).
(¬4) الحاوي (ص 557).
(¬5) فتح العزيز (10/ 332)، الروضة (9/ 259).