كتابُ العِتْق
6370 - قول "التنبيه" [ص 144]: (العتق قربة مندوب إليه) محله: في المنجز من المسلم، أما المعلق .. فذكر الرافعي في (الصداق): أن التعليق ليس عقد قربة بخلاف التدبير (¬1)، كذا أورده النشائي وشيخنا ابن النقيب (¬2)، وقال في "التوشيح": مراده انتفاء القربة عن عقد التعليق؛ ولذلك قال: بخلاف التدبير، ولم يُرد انتفاء القربة عن العتق الذي تضمنه التعليق، فكل عتق قربة، أكان ضمن تعليق أم لا، والتعليق نفسه ليس قربة.
قلت: ويدل لذلك قول الرافعي في تتمة كلامه: وإنما هو يقصد به حث أو منع (¬3)، وهذا إنما هو في نفس التعليق، فهو الذي يقصد به حث أو منع ثم إن الرافعي لم يقل: إن التعليق ليس قربة، وإنما قال: ليس عقد قربة؛ أي: ليس أصل وضعه ذلك، وقد يقترن به ما يقتضي كونه قربة؛ كمن علق عتق عبده على تحصيل نفع لمن يتقرب بتحصيل النفع له؛ كقوله: إن خدمت العالم الفلاني سنة .. فأنت حر، أو على إيجاد قربة؛ كقوله: إن صليت الضحى .. فأنت حر ونحو ذلك.
وأما كونه من مسلم .. فقال الرافعي في (الوقف) في الكلام على أقوال الملك في الوقف: ألا ترى أن الكافر إذا أعتق .. صار العتيق لله وإن لم يكن منه قربة (¬4).
قال في "التوشيح": مراده ليس قربة من الكافر؛ لأنه ليس من أهل القرب، ولم يرد أنه ليس قربة في نفسه.
قلت: هذا كلام لا يتحقق؛ لأن الكلام في صدوره من الكافر، فهو المدعي أنه ليس قربة، فلا يرد على ذلك أنه قربة في الجملة.
6371 - قول "المنهاج" [ص 585]: (إنما يصح من مطلق التصرف) و"الحاوى" [ص 699]: (إنما يصح إعتاق مالك) اقتصر كل منهما على شرط غير الذي ذكره الآخر، وجمع في "أصل الروضة" بينهما فقال: ويصح من كل مالك مطلق لا يصادف إعتاقه تعلق حق لازم لغيره؛ فلا يصح إعتاق غير مالك إلا بوكالة أو ولاية (¬5)، وقول "التنبيه" [ص 144]: (لا يصح إلا من مطلق التصرف
¬__________
(¬1) انظر "فتح العزيز" (8/ 317، 318).
(¬2) انظر "نكت النبيه على أحكام التنبيه" (ق 130)، و"السراج على نكت المنهاج" (8/ 336).
(¬3) فتح العزيز (8/ 317).
(¬4) انظر "فتح العزيز" (6/ 284).
(¬5) الروضة (12/ 107).