كتاب تحرير الفتاوى (اسم الجزء: 3)

4546 - قول "التنبيه" [ص 214]: (وعمد الخطأ: أن يقصد الجناية بما لا يقتل غالبًا) لم يذكر الشخص كما فعل في العمد، وعبارة "المنهاج" [ص 468]: (قَصَدهما بما لا يقتل غالباً) ولابد مع ذلك من أن يكون له مدخل في الإهلاك، وألأَ يكون مأذوناً فيه شرعًا كالتعزير ونحوه.
وأيضاً فلو قال الشاهدان الراجعان: لم نعلم أنه يقتل بقولنا، وكانا ممن يخفى عليهما ذلك .. فحكمه حكم شبه العمد مع وجود قصد الشخص والفعل بما يقتل غالبًا.
4547 - قول "المنهاج" [ص 468]: (ومنه: الضرب بسوطٍ أو عصا) محله في العصا الصغيرة بشروط، أما الكبيرة التي تقتل غالباً .. فيجب بها القصاص، وقد فصل ذلك "التنبيه" فقال [ص 214]: (وإن ضربه بمثقل كبير أو بمثقل صغير في مقتل أو في رجل ضعيف، أو في حر شديد أو برد شديد، أو والى به الضرب فمات .. وجب عليه القود) ودخل في الضعيف ما لو لم يعلم بضعفه وهو الأصح، وقد ذكره "المنهاج" بعد ذلك (¬1).
وخرج بالموالاة ما لو فرَّقها حتى مات، وفيه وجهان في "أصل الروضة" بلا ترجيح (¬2)، وقال المسعودي: لو ضربه ضربة وقصد ألَّا يزيده عليها، فشتمه المضروب، فضربه ثانية، ثم شتمه فضربه ثالثة حتى قتله .. فلا قصاص؛ لعدم المولاة، قال الرافعي: وينبغي ألَّا ينظر إلى صورة الموالاة، ولا تقدر مدة التفريق، بل يعتبر أثر الضربة السابقة والآلام الحاصلة بها، فإن بقيت ثم ضربه أخرى .. فهو كما لو والى (¬3).
قال شيخنا الإمام البلقيني: هذا ممنوع؛ فإنه في كل ضربة لم يقصد الفعل والشخص بما يقتل غالبا، بخلاف ما لو قصد ولاء الضرب ووالى الضربات .. فإنا نوجب عليه القصاص نظراً إلى قصد الشخص والفعل بمجموع فعل يقتل غالباً، والضربة السابقة لا قصاص بها، فكيف يجب القصاص بالتي بعدها، وهي لو كانت قاتلة .. لكان كالجارح جراحتين إحداهما عمد والأخرى خطأ؟ !
4548 - قول "التنبيه" [ص 214]: (وإن غرز إبرة في غير مقتل؛ فإن بقي منها ضَمِناً - أي: متألمًا - حتى مات .. وجب القود) يقتضي أنه لا يشترط مع ذلك حصول ورم، وكذا صححه النووي في "شرح الوسيط"، وكذا قال شيخنا الإمام البلقيني: الصحيح: أنه يجب إذا كان مثله يقتل غالبًا، واشترطه في "الروضة" وأصلها (¬4)، وعليه مشى "المنهاج" فقال [ص 468]: (وكذا بغيره إن تورم وتألم حتى مات) واعتمده شيخنا الإسنوي في "تصحيحه" (¬5)، واقتصر "الحاوي"
¬__________
(¬1) المنهاج (ص 471).
(¬2) الروضة (9/ 126).
(¬3) انظر "فتح العزيز" (10/ 126، 127).
(¬4) فتح العزيز (10/ 124)، الروضة (9/ 125).
(¬5) تذكرة النبيه (3/ 400).

الصفحة 8