كتاب تحرير الفتاوى (اسم الجزء: 3)

(أعتقن) يخرج ما إذا عتق عليها قريبها بالملك؛ لأنه فصل أول الباب العتق إلى عتق بالملك وعتق بالإعتاق، وليس كذلك، بل لها ولاؤه اتفاقًا.
6429 - قول "التنبيه" فيما لو نكح عبد معتقة [ص 149]: (فإن أعتق جده والأب مملوك .. فقد قيل: لا ينجر من موالي الأم إلى موالي الجد، وقيل: ينجر) الأصح: الانجرار، وعليه مشى "المنهاج" (¬1)، و"الحاوي" بقوله [ص 414]: (وتجر ولاء غيره) أي: جهة الأب، فدخل في عبارة الجد؛ ولأجله عدل عن التعبير بالأب للتعبير بجهة الأب، وظاهر كلام "التنبيه" أنه لو كان الأب ميتًا .. انجر قطعًا، وبه جزم "المنهاج" (¬2)، وهي الطريقة التي عليها أكثر الأصحاب، كما قال ابن الصباغ.
6430 - قول "التنبيه" في الوجه الأول [ص 149]: (لا ينجر) ظاهره عدم الانجرار ولو مات الأب بعد ذلك، وعبارة "المنهاج" [ص 590]: (وقيل: يبقى لمولى الأم حتى يموت الأب فينجر إلى موالي الجد) فصرح بانجراره بعد موته، وفي ذلك وجهان حكاهما الرافعي، وقال: قطع البغوي بالانجرار (¬3).
قال النووي: وهو أقوى (¬4)، لكن صحح الشيخ أبو علي: عدم الانجرار، وخرج بكون الأم معتقه: ما إذا كانت حرة الأصل .. فإنه لا ولاء على الولد أصلًا، والصورة: أن الأب رقيق، فإن أعتق الأب .. فهل يثبت عليه لموالي الأب؟ قال الشيخ أبو على: فيه جوابان سمعتهما من شيخي في وقتين، وهما محتملان، كذا في "أصل الروضة" (¬5).
وقال شيخنا الإمام البلقيني: الأرجح من الجوابين: الثبوت.
واعلم: أن لفظ الانجرار وقع في كلام الفقهاء، وأنكره القاضي أبو الطيب، وقال: إن الصواب أن يقال: بطل ولاء موالي الأم، ولا ينبغي إنكار ذلك؛ فإن هذا هو المراد، والمعنى فيه مفهوم، والله أعلم.
وذكر صاحبا "التعليقة" و"المصباح": أن قول "الحاوي" [ص 414]: (وتجر ولاء غيره) احتراز عما لو اشترى هذا الولد أباه، فعتق عليه الأب .. فإنه لا ينجر ولاء نفسه إليه من معتق الأم، بل يستمر الولاء لمعتق الأم؛ إذ يبعد أن يثبت للإنسان الولاء على نفسه، وهذا هو الأصح
¬__________
(¬1) المنهاج (ص 590).
(¬2) المنهاج (ص 590).
(¬3) انظر "فتح العزيز" (13/ 390).
(¬4) انظر "الروضة" (12/ 172).
(¬5) الروضة (12/ 171).

الصفحة 812