كتاب تحرير الفتاوى (اسم الجزء: 3)

فصلها فقال: خدمة رجب نجم وخدمة شعبان نجم .. لم يصح في الأصح المنصوص، ولو قال: خدمة رجب ورمضان .. لم يصح بلا خلاف، وعلى هذا: يحمل قول "التنبيه" [ص 146]: (فإن كاتبه على عملين ولم يذكر مالًا .. لم يجز) فالتي في "المنهاج" منفعة الذمة والتي في "التنبيه" منفعة العين، ولم يقرر شيخنا ابن النقيب كلام "المنهاج" كما قررته، بل فهم أن كلامه في منفعة العين، فحمله على أن يكون أحد النجمين منفعة (¬1)، وكيف يستقيم ذلك والأعيان لا تقبل التأجيل، وقول "الحاوي" [ص 703]: (بمؤجل بنجمين فأكثر، وبمنفعة عين معلومة) يفهم أنه يجوز أن يكون العوض منفعة عين وحدها، وليس كذلك.
ثانيهما: أنه يوهم اشتراط الأجل في المنفعة، وليس كذلك، بل يجوز كونها حالة لقدرته عليها، وكان هذا هو مراد "الحاوي": جعل كون العوض منفعة في مقابلة كونه منجمًا؛ فإنه لا يشترط فيه إذا كان منفعة التأجيل، ثم قد لا يقبل التأجيل فيما إذا كان منفعة عين بعينها وقد يقبله فيما إذا كانت المنفعة في الذمة، ولم يرد بذلك الاقتصار على المنفعة، ولو حذف لفظة (عين) .. لكان أولى.
وقول "التنبيه" [ص 146]: (فإن كاتبه على عمل ومال .. قدم العمل وجعل المال في نجم بعده) على ما تقدم من أن كلامه في منفعة العين، فلو كان في منفعة الذمة .. لجاز تقديم نجم المال.
6469 - قول "المنهاج" [ص 594]: (وقيل: إن ملك بعضه وباقيه حر .. لم يُشترط أجل وتنجيم) رجحه شيخنا في "تصحيح المنهاج".
واعلم: أن ظاهر كلامهم أنه [لا] (¬2) يشترط بيان موضع التسليم؛ لسكوتهم عن ذكره، وفي "أصل الروضة" عن ابن كج: أن فيه الخلاف في السلم (¬3).
وتعقبه شيخنا الإمام البلقيني بأن في السلم احتياطًا فاعتبر فيه ما لا يعتبر في غيره؛ ولهذا لم يذكر أحد من الأصحاب ذلك في ثمن المبيع، ولا في أجرة ولا صداق ولا خلع ولا صلح عن دم؛ فالكتابة كذلك.
6470 - قوله: (ولو كاتب على خدمة شهر ودينار عند انقضائه .. صح) (¬4) كذا لو جعل أجل الدينار في أثناء الشهر؛ كقوله: ودينار بعد العقد بيوم على الأصح.
¬__________
(¬1) انظر "السراج على نكت المنهاج" (8/ 377).
(¬2) سقط من (ب).
(¬3) الروضة (12/ 215).
(¬4) انظر "المنهاج" (ص 594).

الصفحة 825