كتاب تحرير الفتاوى (اسم الجزء: 3)

وذكر شيخنا في "تصحيح المنهاج" من الأغراض: أن الدين الذي في ذمة المكاتب إذا كان نقدًا .. لا زكاة فيه، فإذا جاء به قبل المحل .. كان للمالك غرض في أن لا يأخذه؛ لئلا تتعلق به الزكاة، قال: ولم يذكره الأصحاب، والظاهر اعتباره.
رابعها: ذكروا فيما إذا أتى المكاتب بمال فقال السيد: هذا حرام، ولا بَيّنة: أنه إذا حلف المكاتب أنه حلال .. أجبر السيد على أخذه أو الإبراء منه، فإن أبى .. قبضه القاضي، ولم يذكروا مثل ذلك هنا، فيحتمل الفرق لحلول الحق هناك بخلافه هنا، وقال شيخنا في "تصحيح المنهاج": الأرجح في الصور كلها أنه لا يتعين الإجبار على القبض، بل عليه أو على الإبراء.
خامسها: قال في "التوشيح": لا يتبين لي معنى قوله: (فإن أبى .. قبضه القاضي) مع قوله: (إنه يجبر) والفقه أن القاضي يتخير بين إجباره على القبض والقبض له كما في الإكراه بحق، وقد يقال: يجبره، فإن عجز أو لم يفد (¬1) .. قبض له حينئذ، وليس في "الشرح" و"الروضة" ذكر قبض القاضي هنا، وإنما ذكراه فيما إذا أتى بالنجم والسيد غائب.
سادسها: وقع في الرافعي في الجراح في أثناء تعليل: أنه لو عجل المكاتب النجم قبل المحل .. يجبر السيد على القبول، بخلاف سائر الديون المؤجلة؛ فإن فيها خلافًا وتفصيلًا. انتهى (¬2).
والمعروف استواء سائر الديون المؤجلة في هذا التفصيل، والله أعلم.
6498 - قوله: (ولا يصح بيع النجوم، ولا الاعتباض عنها) (¬3) قال شيخنا في "تصحيح المنهاج": منع الاعتياض عنها مخالف لنص الشافعي في "الأم"، وهو قوله: (ولو حل نجومه كلها وهي دنانير فأراد أن يأخذها منه دراهم أو عرضًا يتراضيان ويقبضه السيد قبل أن يتفرقا .. جاز) (¬4)، قال شيخنا: وتبع الرافعي في المنع البغوي، ولم يطلعا على النص، وذكر الرافعي في الشفعة الاعتياض عن النجوم بشقص وأثبت فيه الشفعة، وقال: يؤخذ مثل النجوم أو قيمتها؛ أي: إن كانت متقومة، وكذا قال في "المهمات": خالفه في الشفعة، والصواب: جوازه؛ فقد نص عليه في "الأم"، وحكى النص المتقدم.
قلت: ويوافقه كلام "الحاوي" حيث قال [ص 708 - 709]: (والفاسد كهو، لا في الاعتياض) فاقتضى جواز الاعتياض في الكتابة الصحيحة، وحمله صاحبا "التعليقة" و"المصباح"
¬__________
(¬1) في (ج): (يقيد).
(¬2) فتح العزيز (10/ 237).
(¬3) انظر "المنهاج" (ص 597).
(¬4) الأم (8/ 65).

الصفحة 836