كتاب تحرير الفتاوى (اسم الجزء: 3)

والمكاتب بالأداء ويحكم بالتقاص للمصلحة في ذلك؛ فإن المنفي إنما هو التقاص بنفس اللزوم.
ثانيهما: في معنى العجز عن الأداء: الامتناع عن الإعطاء مع القدرة، وقد ذكره "الحاوي" فقال [ص 706]: (والفسخ إن عجز أو امتنع).
فإن قلت: قد ذكره "المنهاج" بعده بقوله [ص 597]: (فإذا عجز نفسه) .. قلت: قد لا يعجز نفسه بل يقتصر على الامتناع، وكذا لو غاب العبد بعد المحل بغير إذن السيد ولم يبعث المال .. فللسيد الفسخ أيضًا، وقد ذكره "الحاوي" و"المنهاج" أيضًا بعد ذلك (¬1).
6504 - قول "التنبيه" [ص 147]: (وللمكاتب أن يفسخ العقد متى شاء)، و"المنهاج" [ص 597]: (وللمكاتب الفسخ في الأصح) كذا في "المحرر" و"الروضة" وأصلها هنا (¬2)، لكن الرافعي بعد أن صحح بطلان الكتابة بجنون السيد دون العبد .. قال: والفرق أن العبد لا يتمكن من فسخ الكتابة ورفعها صحيحة كانت أو فاسدة، وإنما يعجز نفسه، ثم السيد يفسخ إن شاء، وإذا لم يملك الفسخ .. لم يؤثر جنونه (¬3)، وأسقط هذا التعليل في "الروضة"، فسلم من التناقض.
قال في "المهمات": والصواب المفتى به: المذكور هنا، وهو الجواز؛ فقد نص عليه في "الأم" في مواضع، واعترض شيخنا في "تصحيح المنهاج" على تعبيره بالأصح: بأنه منصوص كما تقدم، وبأنه يقتضي قوة الخلاف مع أنه ضعيف جدًا مخالف للنص ولقاعدة أن الكتابة جائزة من جهة المكاتب، وللاتفاق على أن للمكاتب الامتناع من الأداء بعد الحلول وإن كان معه وفاء، قال: وعندي أن هذا الخلاف لا يثبت، وإذا لم يملك الفسخ .. فالعقد لازم من جهته، وكونه يجوز له الامتناع من الأداء مع أنه لا يملك الفسخ متناقض واعترض شيخنا أيضًا: بأن عبارة "المنهاج" توهم ترتب فسخه على التعجيز، وليس كذلك.
6505 - قول "الحاوي" [ص 706]: (وأُنظر ليخرج من الحرز) يفهم أنه لا ينظر زيادة على ذلك، وفي "المنهاج" [ص 597]: (وإن كان معه عروض - أي: والنجوم غيرها - .. أمهله ليبيعها، فإن عرض كساد .. فله أن لا يزيد في المهلة على ثلالة أيام)، وتبع في ذلك "المحرر" (¬4)، وحكاه في "الشرح" عن البغوي فقال: مقتضى إطلاق الصيدلاني: أن لا فسخ، ورأى الإمام الفسخ، ونزله منزلة غيبة المال، وهذا أصح، وضبط البغوي التأخير للبيع بثلاثة أيام، وقال: لا يلزم أكثر منها (¬5).
¬__________
(¬1) الحاوي (ص 706)، المنهاج (ص 597).
(¬2) المحرر (ص 527)، فتح العزيز (13/ 513)، الروضة (12/ 257).
(¬3) انظر "فتح العزيز" (13/ 486).
(¬4) المحرر (ص 528).
(¬5) فتح العزيز (13/ 511)، وانظر "نهاية المطلب" (19/ 466)، و "التهذيب" (8/ 482).

الصفحة 839