كتاب تحرير الفتاوى (اسم الجزء: 3)

إلا بعد مدة، وأما حاكم بلد السيد .. فلا يحتاج بعد مضي المدة إلى شي، بل يبادر للحكم، وقول شيخنا: يحتاج حاكم بلد المكاتب بعد المدة إلى مكاتبة حاكم بلد السيد، لا معنى له، والله أعلم.
6508 - قول "المنهاج" [ص 597]: (فلو كان له مال حاضر .. فليس للقاضي الأداء منه) قال شيخنا في "تصحيح المنهاج": مقتضاه: أن للسيد الفسخ في الحال، وليس كذلك؛ فقد نص الشافعي في "الأم" على أنه يوقف ماله وينتظر، فإن أدى، وإلا .. فلسيده تعجيزه، ولم يذكر هذا النص أحد من الأصحاب. انتهى (¬1).
وفي "أصل الروضة" عند ذكر رفع السيد الأمر إلى الحاكم عند حلول النجم والمكاتب غائب وتحليفه له، قال الصيدلاني: يحلفه أنه ما قبض منه النجوم ولا من وكيله، ولا يعلم له مالًا حاضرًا (¬2).
قال في "المهمات": ولا يجتمع هذا مع عدم الأداء من المال الحاضر، وسبقه إلى ذلك في "المطلب".
وأجاب عنه شيخنا في "تصحيح المنهاج": بأن الذي قاله الصيدلاني إنما هو من أجل الوقف كما في الإنظار، لا من أجل أن القاضي يوفيه منه.
6509 - قوله: (ولا تنفسخ بجنون المكاتب) (¬3) قد يفهم أنه ليس للسيد فسخها، وليس كذلك؛ فله فسخها إن لم يكن للمكاتب مال، وقد ذكره "الحاوي" (¬4)، فإن أفاق فظهر له مال كان موجودًا قبل الفسخ .. فله دفعه إلى السيد، ويعتق ويبطل تعجيزه، كذا أطلقوه. قال الرافعي: وأحسن الإمام فقال: إن ظهر المال في يد السيد .. رد التعجيز، وإلا .. فلا (¬5).
وإذا لم تنفسخ بالجنون .. فالإغماء أولى بذلك، ثم عدم الانفساخ مخالف للقاعدة، وهو أن الجائز ينفسخ بالجنون والإغماء، والكتابة جائزة من جهة العبد، وكأن ذلك لتشوف الشارع للعتق، وكل هذا في الكتابة الصحيحة، أما الفاسدة فستأتي.
6510 - قول "المنهاج" [ص 597]: (ويؤدي القاضي إن وجد له مالًا) أي: بعد الثبوت والتحليف، فيه أمران:
أحدهما: كذا أطلقه الجمهور، وقال الغزالي: إنما يؤدي إذا رأى مصلحة في الحرية، فإن رأى أنه يضيع بها .. لم يؤد (¬6)، وتبعه "الحاوي" فقال [ص 706]: (لا إن وفى ماله .. فيؤدي
¬__________
(¬1) الأم (8/ 76).
(¬2) الروضة (12/ 255).
(¬3) انظر "المنهاج" (ص 597).
(¬4) الحاوي (ص 706).
(¬5) فتح العزيز (13/ 514)، وانظر "نهاية المطلب" (19/ 466).
(¬6) انظر "الوسيط" (7/ 518)، و "الوجيز" (2/ 285).

الصفحة 842