كتاب تحرير الفتاوى (اسم الجزء: 3)

ولا يشتري من يعتق عليه، فإن أذن له السيد في شيء من ذلك .. ففيه قولان) فيه أمور:
أحدها: الأظهر: جوازه إلا في العتق والكتابة، وقد ذكره "المنهاج" فقال [ص 598]: (ويصح بإذن سيده في الأظهر) أي: ما فيه تبرع أو خطر، ثم قال: (ولا يصح إعتاقه وكتابته بإذن على المذهب) (¬1) و"الحاوي" فقال [ص 707]: (وتبرع وبخطر) وذكر أمثلة ذلك بإذن، لا العتق والكتابة والتسري، والمراد: الإعتاق عن نفسه، فلو أعتق عن السيد أو عن أجنبي بإذن السيد .. صح في الأظهر كغير العتق، وأطلق النووي في "تصحيح التنبيه": الجواز، ولم يستثن شيئًا، ومحل الخلاف في الهبة: إذا أذن في الإقباض أيضًا، قاله في "الكفاية".
ثانيها: قوله: (ولا يرهن) قال الرافعي: إنه الذي أطبق عليه عامة الأصحاب، ثم قال: ويشبه أن يتوسط، فيجوز عند الضرورة دون المصلحة (¬2)، وخالف ذلك في كتاب الرهن، فصحح جوازه، وجعل حكمه كحكم الولي، ومال إليه السبكي فقال في "شرح المهذب": نصوص الشافعي دالة على أن المكاتب كالولي حرفًا بحرف، يرهن للضرورة والمصلحة، وهو الظاهر، قال: ولم يختلف كلام الرافعي في الرهن والكتابة إلا في كونه جعل البيع نسبة في باب الكتابة ممتنعًا عند عامة الأصحاب، وفي باب الرهن على وجه مشيرًا، إلى أن الأصح خلافه، قال: والظاهر الذي نقله الشيخ أبو حامد عن النص خلاف ما صححه، وحمل في "الكفاية" كلام "التنبيه" على غير الحاجة، وحكى التصريح بجوازه عند الحاجة عن الماوردي.
ثالثها: قوله: (ولا ينفق على أقاربه غير ولده من أمته) كذلك لو كان في ملكه أصله أو فرعه بهبة أو وصية حيث يجوز ومرض أو عجز .. فإنه ينفق عليه.
رابعها: يستثنى من ذلك: الإقراض؛ فيجوز بإذن السيد بلا خلاف، كما حكاه في "أصل الروضة" عن القفال وأقره، لكنه ذكر هنا أن فيه القولين في تبرعاته (¬3).
وقال شيخنا في "تصحيح المنهاج": إنه ليس بمعتمد؛ فإن الإقراض حال ليس فيها إلا الإرفاق بالتأخير تبرعًا، ويرجع فيه ما دام باقيًا، وإذا تلف .. طالب ببدله.
خامسها: يستثنى من ذلك أيضًا: خلع المكاتبة بإذن سيدها، قال في "أصل الروضة" في الخلع: المذهب المنصوص هنا: أنه كاختلاعها بغير إذن (¬4)، وهو مخالف لترجيح الرافعي أنه على القولين في تبرعاته، وتبع هنا الرافعي على ترجيح طريقة القولين وتصحيح الصحة، وفي
¬__________
(¬1) المنهاج (ص 598).
(¬2) انظر "فتح العزيز" (13/ 546).
(¬3) الروضة (12/ 266).
(¬4) الروضة (7/ 385).

الصفحة 847