كتاب تحرير الفتاوى (اسم الجزء: 3)

وحكاه عنه شيخنا الإسنوي في "التنقيح" بلفظ: إلا في أربع مسائل، ثم اعترض عليه: بأن الحصر في الأربع ممنوع، بل يتصور أيضًا الفرق في كل عقد صحيحة غير مضمون كالإجارة والهبة وغيرها؛ فإنه لو صدر من سفيه أو صبي وتلفت العين في يد المستأجر أو المتهب .. وجب الضمان، ولو كان فاسدًا .. لم يجب ضمانها؛ لأن فاسد كل عقد كصحيحه في الضمان وعدمه. انتهى.
وقد عرفت أن النووي لم يأت بما يدل على الحصر، وأن ذلك من تصرف الإسنوي في النقل عنه، وقال في "التوشيح": فرقوا بينهما في القراض في مسألتين، وفيما لو قال: بعتك، ولم يذكر ثمنًا، وسلم، وتلفت العين في يد المشتري .. ففي وجه: عليه قيمتها؛ لأنه بيع فاسد، وفي آخر: لا؛ إذ لا بيع أصلًا، فيكون أمانة. انتهى.
وقول "المنهاج" [ص 598]: (إن الفاسدة كالصحيحة في استقلاله بالكسب) يقتضي سقوط نفقته عن السيد، وأن له معاملته، وهو الذي ذكره الإمام والغزالي (¬1)، ومقتضاه: أنه لا تجب فطرته على سيده، وهو خلاف المجزوم به في "أصل الروضة" (¬2)، وقد ذكره "الحاوي" (¬3).
وقال البغوي: لا تجوز له معاملته، ولا ينفذ تصرفه فيما في يده كالمعلق عتقه (¬4).
قال الرافعي: ولعل هذا أقوى (¬5).
وقال شيخنا في "تصحيح المنهاج": الذي ترجح عندنا أنه يتصرف فيما في يده، وقضية ملكه كسابه أن يعامل السيد، وحكى القاضي حسين في معاملته السيد وجهين، والأرجح عندنا: ما سبق، وهو الذي أفتى به القفال.
6522 - قوله: (وأخذ مهر شبهة) (¬6) قال شيخنا في "تصحيح المنهاج": لا يتقيد ذلك بالشبهة، بل له مهر جاريته الواجب بالعقد من مسمى صحيح أو مهر مثل بسبب تسميته فاسدة، أو تلف المسمى قبل قبض الزوجة وغير ذلك مما يوجب مهر المثل من غير وطء، وكذا يكون له الفرض في المفوضة ومهر المثل في موت أحد الزوجين قبل الفرض، والمسألتين في المفوضة، قال: وجميع ذلك يأتي في المرأة المكاتبة كتابة فاسدة.
6523 - قوله: (وفي أنه يعتق بالأداء) (¬7) أي: لا بالإبراء كما ذكره بعد ذلك هو
¬__________
(¬1) انظر "نهاية المطلب" (19/ 359)، و"الوجيز" (2/ 282).
(¬2) الروضة (12/ 235).
(¬3) الحاوي (ص 709).
(¬4) انظر "التهذيب" (8/ 427).
(¬5) انظر "فتح العزيز" (13/ 479).
(¬6) انظر "المنهاج" (ص 598).
(¬7) انظر "المنهاج" (ص 598).

الصفحة 851