كتاب تحرير الفتاوى (اسم الجزء: 3)

على هذا، وعندي ليس الأمر كذلك، بل يملكه، فإذا حصل العتق .. ارتفع ذلك الملك؛ واستشهد له بما إذا علق طلاق زوجته على إعطاء الدراهم فأعطته غير الغالب .. ملكه، وله رده وطلب الغالب، غير أنه في الكتابة يرتفع الملك قهرًا، وهنا يرتفع برد الزوج.
ثانيها: قال شيخنا أيضًا: يستثنى من ذلك: ما أخذه الكافر الأصلي من مكاتبة الكافر الأصلي حال الكفر .. فإنه يملكه ولا يراجع.
ثالثها: المراد بالمتقوم: ما له قيمة كما عبر به في "المحرر" (¬1)، لا ضد المثلي، وكذلك يرجع بما لا قيمة له إذا كان محترمًا كجلد الميتة قبل الدبغ، إلا أنه إذا تلف .. لم يرجع ببدله، وعبارة " التنبيه " أص 148، : (ورجع المولى عليه بالقيمة، ورجع هو على المولى بما دفع)، وعبارة "الحاوي" فيما خالفت فيه الفاسدة الصحيحة [ص 709]: (والرجوع إلى قيمته) فلا يرد عليهما الأمر الأول والثالث، ويرد على "التنبيه": أنه إنما يرجع على المولى بما دفع إذا كان محترمًا كما تقدم.
6527 - قول "التنبيه" [ص 148]: (وإن كانا من جنس واحد .. سقط أحدهما بالآخر في أحد الأقوال، ولا يسقط في الثاني، ولا يسقط في الثالث إلا برضا أحدهما، ولا يسقط في الرابع إلا برضاهما) فيه أمور:
أحدها: الأظهر: الأول، وعبارة "المنهاج" من زيادته [ص 599]: (أصح أقوال التقاص .. سقوط أحد الدينين بالآخر بلا رضًا) وعليه مشى "الحاوي" في أوائل القضاء فقال [ص 663]: (وله جحد حقه إن جحد وتقاصّا كدينين تساويا صفة).
ثانيها: صورة المسألة: أن يكون ما أداه العبد قد تلف؛ فإن التقاص إنما يكون في الدينين، كما صرح به "الحاوي" لا في دين وعين (¬2).
ثالثها: لا يكفي كونهما من جنس واحد، بل لا بد من اتفاقهما في الصفة أيضًا؛ كالصحة والتكسير والحلول والتأجيل؛ ولذلك قال "الحاوي" [ص 663]: (تساويا صفة) فاستغنى بذلك عن ذكر الجنس، فلو تساويا في الأجل .. فهل هما كالحّالين أو كمؤجلين باجلين مختلفين؟ وجهان، أرجحهما عند الإمام: الأول، وعند البغوي: الثاني، كذا في "أصل الروضة" (¬3)، ورجح شيخنا في "تصحيح المنهاج" الأول، وحكاه عن البندنيجي، قال: وفي نص الشافعي ما يدل عليه.
¬__________
(¬1) المحرر (ص 529).
(¬2) الحاوي (ص 663).
(¬3) الروضة (12/ 273)، وانظر "نهاية المطلب" (19/ 451)، و"التهذيب" (8/ 461).

الصفحة 853