كتاب تحرير الفتاوى (اسم الجزء: 3)

وقد يقال: لا يلزم من ذكر التراجع في هذه الصورة الخاصة نفيه فيما عداها، ولو كان قال: (ورجع إن كان كذا) فجعله شرطًا فيه؛ لأمكن هذا الإيراد، والله أعلم.
6532 - قوله في المسألة: (بل إن لم يتفقا .. فسخ القاضي) (¬1) يقتضي تعينه لذلك، والأصح في التحالف: أنه لا يتعين القاضي للفسخ، بل هما يفسخان أو أحدهما، وإنما يفسخ الحاكم إذا أصرا على النزاع ولم يفسخا أو التمسا الفسخ، فلو أعرضا عن الخصومة .. فالأرجح: أنه يعرض عنهما إلى أن يطلبا أو أحدهما ذلك، أو يتفقا على أمر.
وفي "الروضة": التحالف في أمور: منها: الكتابة، وأعقبه بهذا التفريع، ولم يفرق بين الصحيحة والفاسدة (¬2).
6533 - قوله: (ولو قال: "كاتبتك وأنا مجنون أو محجور عليّ") (¬3) أي: بسفه طارئ أو بفلس، فلو كان لصبى أو سفه مقارن للبلوغ .. لم يحتج لقوله: (إن عرف سبق ما ادعاه) (¬4).
6534 - قوله: (ولو مات عن ابنين وعبد فقال: "كاتبني أبوكما" فإن أنكرا .. صدقا، وإن صدقاه .. فمكاتب، فإن أعتق أحدهما نصيبه .. فالأصح: لا يعتق، بل يوقف. قلت: بل الأظهر: العتق) (¬5) كان ينبغي أن يقول في الأول: (الأظهر) لأن "المحرر" لم يذكر أن الخلاف وجهان وتعبيره بالأصح لا يدل على ذلك؛ إذ لا اصطلاح له فيه، وقوله في زيادته: (الأظهر) يدل على أن الخلاف قولان، وعبارة "أصل الروضة": إن نفوذ الإعتاق في نصيب المعتق قطع به الأصحاب، وإن البغوي قال: مقتضى سياق "المختصر" حصول قولين في عتق نصيبه، أظهرهما: المنع (¬6).
ومقتضى ذلك أن: يعبر في زيادته هنا بالمذهب؛ لأن الذي في "المحرر" أجراه على طريقة البغوي، فناسبه الأظهر (¬7)، والذي في "المنهاج" جارٍ على قطع الأصحاب، فناسبه المذهب، ورجح شيخنا في "تصحيح المنهاج" الوقف، وقال: لسنا نستند لما قاله البغوي، بل إلى نصوص الشافعي، وما يقتضيه كلام أهل الطريقين، ثم بسط ذلك.
6535 - قوله تفريعًا على الوقف: (وإن عجز .. قُوّم على المعتق إن كان موسرا) (¬8) يفهم اعتبار
¬__________
(¬1) انظر "المنهاج" (ص 599).
(¬2) الروضة (3/ 576، 581، 582).
(¬3) انظر "المنهاج" (ص 599).
(¬4) انظر "المنهاج" (ص 599).
(¬5) انظر "المنهاج" (ص 600).
(¬6) الروضة (241/ 12)، وانظر "مختصر المزني" (ص 324)، و"التهذيب" (8/ 435).
(¬7) المحرر (ص 530).
(¬8) انظر "المنهاج" (ص 600).

الصفحة 862