كتاب تحرير الفتاوى (اسم الجزء: 3)

يساره عند إعتاق نصيبه، وليس كذلك بل العبرة بيساره وقت العجز؛ لأنه وقت نفوذ ذلك العتق والتقويم فيعتبر حينئذ، ذكره شيخنا في "تصحيح المنهاج" وقال: في كلامهم ما يقتضي هذا.
6536 - قول "الحاوي" [ص 705]: (وإن أعتق وارث .. عتق بكتابة الميت؛ كأن أبرأ أو قبض) ما ذكره من العتق بكتابة الميت فيما إذا قبض أحد الابنين نصيبه مفرع على صحة القبض؛ فقد صرح الرافعي بأن صحة العتق في نصيب أحد الشريكين مبني على صحة القبض، وهو وجه ضعيف؛ فقد صرح الرافعي أيضًا بأن قبض أحد الابنين كقبض أحد الشريكين، إن كان بغير إذنه .. لم يصح، وإن كان بإذنه .. فقولان، أصحهما: أنه لا يصح أيضًا (¬1)، وصرح "الحاوي" قبل ذلك بأنه لا يعتق شيء بقبض أحد الشريكين فقال [ص 704]: (لاشيء بقبض سيد وإن قُدّم)، وتبع "الحاوي" في التفريق بينهما الغزالي؛ فإنه قال: لا يعتق شيء بقبض أحد الشريكين (¬2)، بخلاف مسألة الابنين، وقد تعقبه فيه الرافعي.
6537 - قول "المنهاج" [ص 600]: (وإن صدقه أحدهما .. فنصيبه مكاتب، ونصيب المكذب قن، فإن أعتقه المصدق .. فالمذهب: أنه يقوم عليه إن كان موسرًا) أخرج بإعتاقه: ما إذا أعتق عليه بقبض حصته من النجوم أو بإبرائه عنها .. فإنه لا يسري، وإليه أشار "الحاوي" بقوله [ص 705]: (وسرى - أي: العتق - لا هما - أي: الأداء والإبراء - إلى نصيب منكرها).
ونازع شيخنا في "تصحيح المنهاج" في السراية فيما إذا أعتقه المصدق، وقال: نص "الأم" و"المختصر" على أن نصيب المصدق إذا عتق .. لا يقوم عليه، وهو يعم عتقه بالقبض والإبراء والإعتاق، والذي علل به الشافعي: أنه إنما أقر بشيء فعله الأب، وهذا يعم الصور الثلاث، ومن شرط السراية: أن يكون ما أعتقه المعتق يثبت له عليه الولاء، وفي "أصل الروضة" في هذه الصورة طريقان: قال الأكثرون: قولان كما لو صدقاه، إلا إذا قلنا بالسراية .. ثبت هنا في الحال، ولا يجيء القول الآخر؛ لأن صاحبه ينكر الكتابة، فلا يمكن التوقف إلى العجز (¬3)، وصحح الرافعي فيما إذا صدقاه: عدم السراية، فيكون الأصح هنا: أنه لا سراية. انتهى (¬4).
وقال في "التوشيح": قد يستشكل تصحيح السراية من جهة أن نصيب المصدق محكوم في الظاهر بأنه مكاتب، وهو يزعم أن نصيب شريكه مكاتب أيضًا، ومقتضى كونه مكاتبًا: أن لا يسري؛ فكيف يلزم المصدق حكم السراية مع كونه لم يعترف بما يوجبها، قال أبي رحمه الله:
¬__________
(¬1) انظر "فتح العزيز" (13/ 493).
(¬2) انظر "الوجيز" (2/ 286).
(¬3) الروضة (12/ 244).
(¬4) انظر "فتح العزيز" (13/ 495).

الصفحة 863