فتوقف في ذلك، وجزم في "المحرر" بالتخيير (¬1)، وفي "الشرح الصغير" بمقابله، فقال بعد ذكر المقالتين: وقيل: يتخير الحاكم.
وقال شيخنا الإمام البلقيني: ليس في المسألة خلاف، والذين قالوا: يمتحن أرادوا: في حالة ما إذا لم يظهر لهم شيء، أو عدموا .. فتتعين مراجعتهم عند إمكانها كما نص عليه، قال: والامتحان هنا لا يجدي شيئاً؛ فقد يحول بينه وبين الرؤية أغشية، فلا يبصر مع بقاء الضوء، فيتعين أهل الخبرة كما نص عليه.
وحاصل كلام شيخنا القطع بالبينة عند إمكانها، والخلاف عند تعذرها، وأن الصحيح مع تعذرها: أنه لا يكفي الامتحان.
واعلم: أن المراد: ذهاب البصر أصلاً، فلو قال أهل الخبرة بعوده بعد مدة .. انتظرت، وقد صرح بذلك "التنبيه" فقال [ص 225]: (وإن قالا: ذهب ولكن يرجى عوده إلى مدة .. انتظر إليها، وإن مات قبل انقضائها .. وجبت الدية) ونص الشافعي على إيجاب القصاص أيضاً، وفي "الروضة" وأصلها عن البغوي: أنه لا يجب للشبهة (¬2).
4774 - قوله: (وإن نقص الضوء .. وجبت الحكومة) (¬3) محله: ما إذا لم يعرف قدره، فإن عرف .. وجب بقسطه من الدية؛ ولهذا قال "المنهاج" [ص 487]: (وإن نقص) ويدخل فيه ما إذا نقص ضوء إحداهما فقط، وفي "أصل الروضة" هنا بعد أن قال: لو أبصر بالصحيحة من مئتي ذراع وبالعليلة من مئة ذراع .. فموجبه التنصيف، لكن لو قال أهل الخبرة: إن المئة الثانية تحتاج إلى مثلي ما تحتاج إليه المئة الأولى؛ لقرب الأولى وبُعد الثانية .. وجب ثلثا دية العليلة، قال الشافعي: وما أرى ذلك يضبط (¬4).
قال شيخنا الإمام البلقيني: وقياسه .. أن يجب ثلثا الدية الكاملة لو كان النقص من العينين.
4775 - قول "المنهاج" [ص 487]: (وفي الشم دية على الصحيح) يقتضي أن الخلاف وجهان، وبه صرح "المحرر" (¬5)، وكذا في الرافعي عن "التقريب"، وعن منصور التميمي قولان (¬6)، وقد نص على الدية في "الأم" و"المختصر"، وأشار في "الأم" إلى القول الآخر،
¬__________
(¬1) المحرر (ص 406).
(¬2) فتح العزيز (10/ 391)، الروضة (9/ 292)، وانظر "التهذيب" (7/ 149).
(¬3) انظر "التنبيه" (ص 225).
(¬4) الروضة (9/ 294).
(¬5) المحرر (ص 406).
(¬6) فتح العزيز (10/ 394).