وهو الحكومة بقوله: قيل: فيه الدية (¬1).
4776 - قوله: (وفي بعض الحروف قسطه) (¬2) أي: موزعاً على ما يحسنه منها كما صرح به "الحاوي" بقوله [ص 562]: (وما يحسن من ثمانية وعشرين حرفاً) ودل عليه قول "المنهاج" بعده [ص 487]: (ولو عجز عن بعضها خلقةً أو بآفةٍ سماويةٍ .. فدية، وقيل: قسط) وعلم منه أن محل كلام "الحاوي": ما إذا كان بغير جناية، فلو كان نقص بعض الحروف بجناية .. وزع على الكل.
ويرد عليهما: أن محل هذا: فيما إذا بقي بعد الذاهب كلام مفهوم، فإن لم يبق كلام مفهوم .. فكذلك، كما قال في "التتمة": إنه المشهور في المذهب، والمنصوص في "الأم"، لكن في "التهذيب": إنه يجب كمال الدية لفوات منفعة الكلام (¬3)، وهو المحكي عن أبي إسحاق والقفال. وعن الروياني: أنه المذهب، ونقل عن مقتضى إيراد الرافعي في "الشرح الصغير"، وصححه شيخنا الإمام البلقيني، ورد ما قاله المتولي، وقال: إن نص "الأم" بخلافه؛ فإنه قال: (وإذا ذهب بعض كلام الرجل .. اعتبر عليه بأصول الحروف من التهجي) (¬4)، قال: فلم يوزع على الحروف إلا مع بقاء بعض الكلام.
ويوافقه قول "التنبيه" [ص 225]: (وإن ذهب بعض الكلام .. وجب بقسطه يقسم على حروف لغته)، وهو أعم من قول "المنهاج" [ص 487]: (والموزع عليها ثمانية وعشرون حرفاً في لغة العرب) وهو أوضح من قول "الحاوي" [ص 562]: (وما يحسن من ثمانية وعشرين حرفاً) لاقتضاء إطلاقه اطراد ذلك في كل لغة، فعبارة كل منهما أحسن من الأخرى من وجه.
وأورد شيخنا الإمام البلقيني على قول "المنهاج" [ص 487]: (في لغة العرب) أنه لو عرف المجني عليه معها لغة غيرها، وذهب حروف من كل منهما، وكانت تلك اللغة أكثر حروفاً .. فالتوزيع على الأكثر، كما رجحه شيخنا؛ لأن الأصل براءة ذمة الجاني، فلا يلزم إلا باليقين، وفي "الروضة" وأصلها وجهان في المسألة بلا ترجيح: هل يوزع على الأكثر، أو الأقل؟ (¬5).
4777 - قول "التنبيه" [ص 226]: (وإن قطع النصف وذهب ربع الكلام .. وجب نصف الدية) كذا عكسه كما صرح به "المنهاج" (¬6)، وتناولهما معاً قول "الحاوي" [ص 562]: (وأكثرهما للسان) والضمير لقسط الجرم وقسط ما يحسن، ونبه شيخنا الإمام البلقيني على أن تعبير الشافعي
¬__________
(¬1) الأم (6/ 119)، مختصر المزني (ص 245).
(¬2) انظر "المنهاج" (ص 487).
(¬3) التهذيب (7/ 154).
(¬4) الأم (6/ 119).
(¬5) فتح العزيز (10/ 396)، الروضة (9/ 296).
(¬6) المنهاج (ص 487).