كتاب تحرير الفتاوى (اسم الجزء: 3)

وفرق الماوردي بين الحرة والأمة، فجعل في الأمة في البيع الفاسد مهر بكر وأرش بكارة، وفي الحرة مهر بكر فقط؛ لأن الحرة لا تدخل تحت اليد (¬1)، وحكى شيخنا الإمام البلقيني عن نص "الأم" أنه قال: فإن افتضها رجل بفرجه .. فعليه مهر مثلها؛ لإصابته وحكومةٌ على ما وَصَفْتُ (¬2)، قال: فالضمير في قوله: (مهر مثلها) يعود على البكر، ولم يقبل تأويل القاضي حسين وغيره لذلك، قال: والمذهب المعتمد: أنه يجب مهر بكر وأرش بكارة في المكرهة ونحوها كما تقدم عن النص، ومهر بكر فقط في صورة الشبهة تنزيلاً لذلك منزلة وطء البكر في النكاح الصحيح.
قال شيخنا: ويستثنى من الشبهة: شبهة النكاح الفاسد؛ فإنه لا خلاف أن الواجب فيه مهر بكر؛ لقوله عليه الصلاة والسلام في النكاح بلا ولي: "فإن أصابها .. فلها المهر بما استحل من فرجها" (¬3) ولم يوجب لها أرشاً، قال: ومقتضى "المنهاج": أن لا يجب شيء من ذلك عند انتفاء الشبهة والإكراه، وهو صحيح في الحرة، أما الأمة: فيجب الأرش إذا قلنا: يفرد عن المهر كما ذكروه في (الغصب).
وفي إيجاب الزيادة على مهر مشلها وهي ثيب إذا طاوعت عالمة بالحال وجهان بلا ترجيح في "الروضة" (¬4)، ورجح شيخنا الوجوب، قال؛ لأن الذي يسقط بمطاوعة الأمة إنما هو المهر المتمحض للوطء، أما ما فيه شيء متعلق بإذهاب شيء من الجسد .. فلا.
4786 - قول "الحاوي" [ص 560]: (كالنطق) أي: لا تجب الدية بتعطيله كما إذا أذهب سمع صبي فتعطل لذلك نطقه؛ لأن نطق الصبي إنما هو بواسطة سماعه من أبويه وغيرهما.
4787 - قوله: (والمشي) (¬5) أي: وكذا المشي لو تعطل بكسر صلب إنسان .. لم تجب فيه إلا الحكومة، كذا في "التعليقة"، وقال في "المصباح": لا تجب الدية على الأصح، بل الحكومة، ويوافقه ما حكاه الرافعي في أثناء الكلام على النطق عن "التتمة": أنه لو كسر صلبه فتعطل مشيه والرجل سليمة .. لم يلزمه بتعطل المشي دية أخرى (¬6)، وأسقطه في "الروضة".
ومقتضاه: وجوب الدية في كسر الصلب دون إبطال المشي، ويخالفه فيهما قول الرافعي بعد
¬__________
(¬1) انظر "الحاوي الكبير" (5/ 317، 318).
(¬2) الأم (6/ 79).
(¬3) أخرجه أبو داوود (2083) والترمذي (1102) وابن ماجه (1879) وأحمد (24251) من حديث سيدتنا عائشة رضي الله عنها.
(¬4) الروضة (5/ 60).
(¬5) الحاوي (ص 560).
(¬6) انظر "فتح العزيز" (10/ 396).

الصفحة 93