كتاب تحرير الفتاوى (اسم الجزء: 3)

الإبل .. كم يُنقصها ذهاب العذرة من القيمة؟ فإن قيل: العشر .. وجب خمس من الإبل، وإن قيل: أكثر أو أقل .. وجب (¬1)، حكاه شيخنا الإمام البلقيني، وقال: هو صحيح جار على أصله في الديات أن الإبل هي الأصل، فلا حاجة للتقويم بالنقد، وربما يتفاوت فيكون قيمته بالنقد معيبًا أقل من تقويمه بالإبل أو أكثر، قال: ولم أر من ذكر ذلك من الأصحاب.
خامسها: لا يستقر التقويم إلا بحكم حاكم، فلو اجتهد فيه غيره .. لم يستقر، صرح به الماوردي (¬2)، وهو مقتضى كلام غيره، ولم يتعرض الثلاثة للتصريح بذلك، لكن قول "المنهاج" بعده [ص 488]: (نقص الحاكم شيئاً بالاجتهاد) يقتضيه.
4798 - قول "المنهاج" [ص 488]- والعبارة له - و"الحاوي" [ص 576]: (فإن كانت لطرفٍ له مقدرٌ .. اشترط ألا تبلغ مُقَدَّره، فإن بلغته .. نقص القاضي شيئاً باجتهاده) أورد عليه شيخنا الإمام البلقيني: أن الرأس ليس له مقدر وفيه عدة شجاج، والمعتبر في حكومته ألا تبلغ أرش الموضحة. انتهى.
وقد يقال: لا يرد؛ لأن للرأس مقدرات الموضحة أقلها، فاعتبر بها أخذاً باليقين.
وأورد أيضًا: أنه لا بد من الاحتراز عن تساوي الجنايتين المتفاوتتين كالمتلاحمة والسمحاق إذا فرض النقص في كل منهما بنصف العشر .. فتنقص حكومتهما عن ذلك حتى لا يبلغا أرش الموضحة ويكون النقص في السمحاق أقل، قال: وهذا لا بد منه وإن لم يذكروه، وقد ذكروا في (الزكاة) قريباً منه. انتهى.
وقد يدخل في قوله: (شيئاً) أقل متمول، وصرح الإمام بأنه لا يكفي (¬3)، وقال الماوردي: أقله ما يجوز أن يكون ثمناً أو صداقاً (¬4).
4799 - قول "المنهاج" [ص 488]: (أو لا تقدير فيه كفخذٍ .. بألاَّ تبلغ دية نفس) فيه أمور:
أحدها: أنه دخل فيما لا تقدير فيه ما هو تابع لمقدر والشرط فيه ألاَّ تبلغ دية ذلك المقدر، وقد ذكر ذلك "الحاوي" فقال [ص 575]: (ناقص عن دية المجروح اجتهاداً ومتبوعه) فحكومة جرح الكف لا تبلغ دية الأصابع الخمس؛ ويجوز أن تبلغ دية إصبع كما قال الرافعي: إنه الأشبه، والنووي: إنه الأصح (¬5) , وصحح الإمام مقابله (¬6)، وتبعه في "الكفاية"، ونص عليه الشافعي
¬__________
(¬1) انظر "الأم" (6/ 79).
(¬2) انظر "الحاوي الكبير" (12/ 302).
(¬3) انظر "نهاية المطلب" (16/ 418).
(¬4) انظر "الحاوي الكبير" (12/ 303).
(¬5) انظر "فتح العزيز" (10/ 349)، و"الروضة" (9/ 308).
(¬6) انظر "نهاية المطلب" (16/ 432).

الصفحة 98