كتاب بداية المحتاج في شرح المنهاج (اسم الجزء: 3)

إِلَّا الْفَرْجَ، وَأَنَّ نَظَرَ الْعَبْدِ إِلَى سَيدَتِهِ وَنَظَرَ مَمْسُوحٍ كَالنَّظَرِ إِلَى مَحْرَمٍ،
===

صلى الله عليه وسلم يحمل أمامة في الصلاة بين الناس، وهم ينظرون إليها؟ ! (١).
ولم يحك هذا الوجه غير الغزالي فمن بعده، قال ابن الصلاح: وحكاية الخلاف في وجه الصغيرة التي لا تشتهى يكاد أن يكون خرقًا للإجماع، وما علل به هذا الوجه منقوض بذوات المحارم؛ فإنه لا خلاف في جواز النظر إلى وجههن، وهذه أولى بذلك؛ لخروجها عن مظنة الشهوة في حق جميع الناس، وذوات المحارم إنما خرجت عن الشهوة في حق محارمهن (٢).
(إلا الفرج) بالاتفاق؛ كما ادعاه الفوراني، وصاحبا "العدة" و"التهذيب" تبعًا للقفال، وجزم به الرافعي في كتبه، لكن في "زيادة الروضة" عن القاضي الحسين: القطع بجواز النظر إلى فرج الصغيرة التي لا تشتهى، والصغير؛ قال: وقطع به في الصغير إبراهيم المروذي، وصححه المتولي؛ لتسامح الناس بذلك قديمًا وحديثًا، وإن إباحة ذلك تبقى إلى بلوغه سن التمييز، ومصيره بحيث يمكنه ستر عورته عن الناس (٣).
(وأن نظر العبد) الفحل (إلى سيّدته ونظرَ ممسوح) سواء أكان حرًّا أم عبدًا لغيرها (كالنظر إلى مَحْرم) أما الأولى. . فلقوله تعالى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ}، ولقوله صلى الله عليه وسلم لفاطمة رضي الله عنها، وقد أتاها ومعه عبد وقد وهبه لها وعلى فاطمة ثوب إذا قنعت به رأسها. . لم يبلغ رجليها، وإذا غطت به رجليها. . لم يبلغ رأسها، فلما رأى صلى الله عليه وسلم ما تلْقى قال: "إِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْكِ بَأْسٌ إِنَّمَا هُوَ أَبُوكِ وَغُلَامُكِ" رواه أبو داوود (٤).
وهذا ما عزاه الرافعي للأكثرين، وقال في "الروضة": إنه المنصوص، وظاهر الكتاب والسنة وإن كان فيه نظر من حيث المعنى (٥).
---------------
(١) أخرجه البخاري (٥١٦)، ومسلم (٥٤٣) عن أبي قتادة رضي الله عنه.
(٢) الوسيط (٥/ ٣٦).
(٣) التهذيب (٥/ ٢٤١)، الشرح الكبير (٧/ ٤٧٤)، روضة الطالبين (٧/ ٢٤).
(٤) سنن أبي داوود (٤١٠٦) عن أنس بن مالك رضي الله عنه.
(٥) الشرح الكبير (٧/ ٤٧٦)، روضة الطالبين (٧/ ٢٣).

الصفحة 15