كتاب التاريخ المعتبر في أنباء من غبر (اسم الجزء: 3)

جرت له الكائنة: اتفق معه جماعة من رؤساء الأجناد ووجوه الكُتَّاب، فخلعوا المقتدر يوم السبت، لعشرٍ بقين من ربيع الأول، سنة ست وتسعين ومئتين، وبايعوا عبد الله المذكور، ولقّبوه: المرتضي بالله. وقيل: الغالب، وقيل: الراضي، فأقام يومًا وليلة، ثم إن أصحاب المقتدر تراجعوا، وحاربوا أعوان ابن المعتز، وشتتوهم، وأعادوا المقتدر إلى دَسْتِه، واختفى ابن المعتز، فأخذه المقتدر، وسلَّمه إلى مؤنس الخازن، فقتله، وسلَّمه إلى أهله ملفوفًا في كساء، ودفن في خرابة بإزاء داره.
وله تصانيف وأشعار رائقة، ومن ظريف شعره قوله:
وَمُهَفْهَفٍ يَسْعَى عَلَى النُّدَمَاءِ ... بَعَقِيقَةٍ فِي دُرَّةٍ بَيْضَاءِ
وَالبَدُرُ فِي أُفُقِ السَّمَاءِ كَدِرْهَمٍ ... مُلْقًى عَلَى يَاقُوتَةٍ زَرْقَاءِ
كَمْ لَيْلَةٍ قَدْ سَرَّنِي بِمَبيتِهِ ... عِنْدِي بِلا خَوْفٍ مِنَ الرُّقَبَاءِ
وَمُهَفْهَفٍ عَقَدَ الشَّرَابُ لِسَانَهُ ... فَحَدِيثُهُ بِالرَّمْزِ وَالإِيمَاءِ
حَرَّكْتُهُ بِيَدِي وَقُلْتُ لَهُ انُتَبِهْ ... يَا فَرْحَةَ الخُلَطَاءِ وَالنُّدَمَاءِ

الصفحة 23