كتاب التاريخ المعتبر في أنباء من غبر (اسم الجزء: 3)

شعبان، سنة إحدى وثمانين وخمس مئة وقت الظهر، وكان مكفوفًا.
* * *

210 - أبو مسلم عبد الرحمن بن مسلم، وقيل: عثمان، الخراسانيُّ القائمُ بالدعوة العباسية: كان أديبًا لبيبًا، تولى خراسان، وقال المأمون: أَجَلُّ ملوك الأرض ثلاثة، وهم الذين قاموا بنقل الدُّول: الإسكندر، وأزدشير، وأبو مسلم الخراساني.
وكان أسمر، جميلًا، نقي البشرة، حسن اللحية، طويل الشعر، طويل الظهر، قصير الساق والفخذ، خافض الصوت، فصيحًا بالعربية والفارسية، حلو المنطق، لم يُر ضاحكًا ولا مازحًا إلا في وقته، تأتيه الفتوحات العظام، فلا يظهر عليه أثر السرور، وتنزل به الحوادث القادحة، فلا يُرى مكتئبًا، ولا يأتي النساء في السنة إلا مرة واحدة، ويقول: الجماع جنون، ويكفي الإنسانَ أن يُجن في السنة مرة.
ولد في سنة مئة للهجرة في خلافة عمر بن عبد العزيز، ونهض بالدعوة وهو ابن ثماني عشرة سنة، ولما ظهر بخراسان، كان أول ظهوره بمرو يوم الجمعة، لتسعٍ بقين من شهر رمضان، سنة تسع وعشرين ومئة، وكان السفاح كثير التعظيم لأبي مسلم؛ لما صنعه ودبَّره في نصرة الدولة العباسية.
ثم لما مات السفاح في ذي الحجة، سنة ست وثلاثين ومئة، وتولى أخوه أبو جعفر المنصور، وكانت صدرت من أبي مسلم أسباب

الصفحة 33