كتاب نفح الطيب من غصن الاندلس الرطيب ت إحسان عباس (اسم الجزء: 3)
ووصفه الحميدي بحسن السيرة والعدل في قسمة الغنائم (1) ، وذكر الحجاري أنه ولي الأندلس مرتين، وربما يجاب بهذا عن الإشكال الذي قدمناه قريباً (2) ، ويضعفه أن ابن حيان قال: دخل الأندلس حين وليها الولاية الثانية من قبل ابن الحبحاب في صفر سنة ثلاث عشرة ومائة، وغزا الإفرنج فكانت له فيهم وقائع جمة إلى أن استشهد، وأصيب عسكره في شهر رمضان سنة 114، في موضع يعرف ببلاط الشهداء.
قال ابن بشكوال: وتعرف غزوته هذه بغزوة البلاط، وقد تقدم مثل هذا في غزوة السمح، فكانت ولايته سنة وثمانية أشهر، وفي رواية سنتين وثمانية أشهر، وقيل غير ذلك، وكان سرير سلطانه حضرة قرطبة.
وولي الأندلس بعده عنبسة بن سحيم الكلبي (3) ، وذكر ابن حيان أنه قدم على الأندلس والياًمن قبل يزيد بن أبي مسلم كاتب الحجاج حين كان صاحب إفريقية، وكان قدومه الأندلس في صفر سنة103، فتأخر بقدومه عبد الرحمن المتقدم الذكر، قال ابن بشكوال: فاستقامت به الأندلس، وضبط أمرها، وغزا بنفسه إلى أرض الإفرنجة وتوفي في شعبان سنة 107 (4) ، فكانت ولايته أربعة أعوام وأربعة أشهر، وقيل: ثمانية أشهر.
__________
(1) انظر الجذوة: 255 - 256.
(2) هذا حقا يزيل الإشكال الذي أشار إليه؛ ذلك أن عبد الرحمن الغافقي أنقذ بقية الجند بعد مقتل السمح فولاه الجند أمر الأندلس سنة 102 حتى يقدم وال جديد، فلما وصل عتبة بن سحيم الكلبي أخذ الولاية من يده، ثم عاد عبد الرحمن إلى ولاية الأندلس في حدود 112هـ. وهذا لا يتعارض مع قول ابن حيان وإنما يتعارض مع قول ابن بشكوال إنه تولى في حدود سنة 110هـ. وقد سها ابن بشكوال عن أن بين عنبسة وعبد الرحمن واليا هو عذرة بن عبد الله الفهري.
(3) يريد بعد ولاية عبد الرحمن الأولى.
(4) انظر فجر الأندلس حيث وصف المؤلف استمرار عنبسة في الغزو حتى سنة 112 (ص 247) ثم ذكر (ص 254) أن عنبسة أصيب بجراح بالغة توفي على أثرها سنة 107هـ؛ ولعل هذا بسبب اضطراب المصادر القديمة نفسها في ترتيب ولاة الأندلس.
الصفحة 16
640