كتاب نفح الطيب من غصن الاندلس الرطيب ت إحسان عباس (اسم الجزء: 3)
يرى جارياً ماء المكارم تحتها ... وأطيار شكري فوقهنّ تغرّد 351 - ولما نفي أبو جعفر ابن البني (1) من ميورقة، وأقلع في البحر ثلاثة أميال، ونشأت ريح ردته، لم يتجاسر أحد من إخوانه على إتيانه، فكتب إليهم:
أحبّتنا الألى عتبوا علينا ... وأقصونا وقد أزف الوداع
لقد كنتم لنا جذلاً وأنساً ... فما بالعيش بعدكم انتفاع
أقول وقد صدرنا بعد يومٍ: ... أشوقٌ بالسفينة أم نزاع
إذا طارت بنا حامت عليكم ... كأنّ قلوبنا فيها شراع وله (2) :
غصبت الثريا في البعاد مكانها وأودعت في عينيّ صادق نوئها
وفي كلّ حالٍ لم تزالي بخيلةً فكيف أعرت الشمس حلّة ضوئها
وله في غلام يرمي الطيور:
قالوا تصيب طيور الجوّ أسهمه ... إذا رماها فقلنا: عندنا الخبر
تعلمت قوسه من قوس حاجبه ... وأيّد السهم من أجفانه الحور
يلوح في بردةٍ كالنّقس حالكةٍ ... كما أضاء بجنح الليلة القمر
وربما راق في خضراء مونقةٍ ... كما تفتّح في أوراقه الزّهر 352 - وقال الأديب الكاتب القاضي أبو المطرف ابن عميرة المخزومي،
__________
(1) هو شخص آخر غير أبي جعفر أحمد بن عبد الولي الذي أحرقه السيد الكنبيطور في بلنسية، وقد خلط بعض الناس بينهما ونبه ابن الأبار على ذلك في التكملة: 24. انظر ترجمة البني في القلائد: 298 والمطمح: 91 والمغرب 2: 357 والحاشية؛ وكتب اسمه في م ب " ابن البنا ".
(2) القلائد: 300، والقطعتان الأخيرتان فيه وفي المغرب.