كتاب الطبقات السنية في تراجم الحنفية - ت الحلو (اسم الجزء: 3)

10 عنّى، فقمت أنا إليه، فأخذت السّكّين من يده فذبحته، فما هو إلاّ أن تكون قلوبكم عند السّيّد حتى تروامن عجائب لطفه ما لا ترون من الآباء و الأمّهات.
و روى 1 أنّ رجلا جاء إليه، فقال: يا أبا عبد الرحمن، أىّ شاء رأس الزهد، و وسط الزهد، و آخر الزهد؟
فقال: رأس الزهد الثّقة باللّه، و وسطه الصبر، و آخره الإخلاص.
و كان أبو بكر الورّاق، يقول 2: حاتم الأصمّ لقمان هذه الأمّة.
و السّبب فى تسميته بالأصمّ 3 أنّ امرأة جاءت إليه تسأله عن مسألة، فاتّفق أنه خرج منها فى تلك الحالة صوت، فخجلت، فقال حاتم: ارفعى صوتك. و أراها 4 من نفسه أنّه أصمّ، فسرّت المرأة بذلك، و قالت: إنّه لم يسمع الصوت 5. فغلب عليه اسم الأصمّ.
و محاسن حاتم و فضائله تجلّ عن الإحصاء. و تتجاوز حدّ الضّبط، و فيما ذكرناه أدلّ دليل على علوّ شأنه، و حسن اعتقاده، و خلوص إيمانه.
و كانت وفاته بواشجرد 6، عند رباط يقال له: سروند، على جبل فوق واشجرد، سنة سبع و ثلاثين و مائتين.
و له ولد يقال له: حسن، و قيل: يقال له خشكدا، و اللّه تعالى أعلم.
و قد ذكر لحاتم الأصمّ هذا صاحب «مناقب الأبرار، و محاسن الأخيار» ترجمة واسعة، ضمّنها شيئا كثيرا من زهديّاته و حكميّاته، لا بأس بإيرادها، أو إيراد خلاصتها، فإنّ غالبه ينبغى أن يكتب بماء الذهب على صفحات الخدود.

1) تاريخ بغداد 8/ 245.
2) تاريخ بغداد 8/ 245، و انظر العبر 1/ 424.
3) تاريخ بغداد 8/ 244، و انظر اللباب 1/ 57.
4) فى تاريخ بغداد: «و أرى».
5) ساقط من: ن، و هو فى س، ط، و تاريخ بغداد.
6) واشجرد: من قرى ما وراء النهر. معجم البلدان 4/ 891.

الصفحة 10