كتاب الطبقات السنية في تراجم الحنفية - ت الحلو (اسم الجزء: 3)

14 الحرب بينى و بينهم، و وترت قوسى، و فوّقت سهمى، و لا أدع أحدا منهم يقربنى. قال:
أحسنت.
و الرابع، رأيت كلّ واحد من الناس له طالب، فرأيت أنّ ذلك الطالب ملك الموت، ففرّغت نفسى له، حتى إذا جاء بادرت معه بلا علاقة. قال: أحسنت.
و الخامس، نظرت فى الخلق، فأحببت واحدا و أبغضت واحدا، فالذى أحببته لم يعطنى شيئا، و الذى أبغضته لم يأخذ منّى شيئا، فقلت: من أين أتيت؟ فنظرت، فإذا هو الحسد، فنفيته عنى، و أحببت الناس كلّهم، فكلّ شاء لم أرضه لنفسى لم أرضه لهم. قال:
أحسنت.
و السادس، رأيت كلّ واحد من الناس له بيت يسكنه و يأوى إليه، فرأيت مسكنى القبر، فكلّ شاء قدرت عليه من الخير قدّمته لنفسى، حتى أعمّر قبرى، فإنّ القبر إذا كان خرابا لا يمكن المقام فيه.
فقال له شقيق: /يكفيك، و لست بمحتاج إلى غيره.
و قال: الزّاهد يذيب كيسه قبل نفسه، و المتزهّد يذيب نفسه قبل كيسه، و لكلّ شاء زينة، و زينة العبادة الخوف، و علامة الخوف قصر الأمل.
و قال، رحمه الله تعالى، ما ينبغى أن يكتب بماء الذهب، و هو: لا تغترّ بموضع صالح، فلا مكان أصلح من الجنّة، لقى فيها 1 آدم 1 عليه الصّلاة و السّلام 1 ما لقى، و لا تغترّ بكثرة العبادة، فإنّ إبليس بعد طول تعبّده لقى ما لقى، و لا تغترّ بكثرة العلم؛ فإنّ بلعام كان يحسن اسم الله الأعظم، فانظر ماذا لقى، و لا تغترّ برؤية الصّالحين، فلا شخص أكبر و لا أصلح من المصطفى صلّى الله عليه و سلّم، لم تنتفع بلقائه أقاربه و صاروا أعداءه.
و عن أبى عبد اللّه الخوّاص، قال: دخلت مع أبى عبد الرحمن حاتم الأصمّ إلى الرّىّ،

1 - 1) ساقط من: س، و هو فى: ط، ن.

الصفحة 14