كتاب الطبقات السنية في تراجم الحنفية - ت الحلو (اسم الجزء: 3)

15 و معه ثلاثمائة و عشرون رجلا يريدون 1 الحجّ، و عليهم الصّوف و الرزمانقات 2، و ليس فيهم من معه طعام و لا جراب، فنزلنا على رجل من التّجّار متنسّك يحبّ الصّالحين، فأضافنا تلك الليلة، فلمّا كان من الغد، قال لحاتم: يا أبا عبد الرحمن، ألك حاجة، فإنّى أريد أن أعود فقيها لنا هو مريض؟ فقال حاتم: إن كان لكم فقيه عليل، فعيادة الفقيه فيها فضل كثير، و النّظر إلى الفقيه عبادة، و أنا أيضا أجاء معك.
و كان المريض محمد بن مقاتل 3، قاضى الرّىّ، فقال: مرّبنا يا أبا عبد الرحمن. فجاءوا إلى باب داره، فإذا البوّاب كأنّه أمير مسلّط، فبقى حاتم متفكّرا يقول: باب دار عالم على هذه الحال!! ثم أذن لهم فدخلوا، و إذا بدار قوراء 4، و آله حسنة، و بزّة و فرش و ستور، فبقى حاتم متفكّرا ينظر حتى دخلوا إلى المجلس الذى فيه محمد بن مقاتل، و إذا بفراش حسن و طاء، ممهّد، و هو راقد عليه، و عند رأسه خدمه، و الناس وقوف.
فقعد الرّازىّ و سأل عن حاله، و بقى حاتم قائما، و أومأ إليه محمد بن مقاتل بيده:
اجلس.
فقال حاتم: لا أجلس.
فقال له محمد 5 بن مقاتل: فلك حاجة؟
فقال: نعم.
فقال: و ما هى؟
قال: مسألة أسألك عنها.
قال: سلنى.
قال حاتم: قم فاستو جالسا حتى أسألك عنها.
فأمر غلمانه فأسندوه.
فقال له حاتم: علمك هذا من أين جئت به؟

1) فى س: «يريد»، و المثبت فى: ط، ن.
2) فى شفاء الغليل 108: «رزمة، بالكسر: ما يجمع فيه الثياب، و العامة تضمه»، فلعل هذا منه. أو لعله نوع من الثياب.
3) ذكر الشعرانى فى طبقاته 1/ 80، 81 هذه القصة باختصار.
4) قوراء: واسعة.
5) ساقط من: س، ط، و هو فى: ن.

الصفحة 15