كتاب الطبقات السنية في تراجم الحنفية - ت الحلو (اسم الجزء: 3)

18 قالوا: مدينة الرسول صلّى الله عليه و سلّم.
قال: فأين قصر رسول الله صلّى الله عليه و سلم لأصلّى فيه ركعتين؟
قالوا: ما كان له قصر، إنّما كان له بيت لاطىّ 1.
قال: قصور أهله و أزواجه و أصحابه بعده؟
قالوا: ما لهم إلاّ بيوت لاطيّة.
فقال حاتم: يا قوم، هذه مدينة فرعون.
قال: فلبّبوه 2 و ذهبوا به إلى الوالى، فقالوا: هذا العجمىّ 3 يقول: هذه مدينة فرعون.
فقال له الوالى: لم قلت ذلك؟
فقال له حاتم: لا تعجل علىّ أيّها الأمير، أنا رجل غريب، دخلت هذه المدينة، فسألت:
أىّ مدينة هذه؟ فقالوا: مدينة الرسول صلّى الله عليه و سلّم. فقلت: و أين قصر الرّسول صلّى الله عليه و سلم لأصلّى فيه ركعتين؟ قالوا: ما كان له قصر، إنّما كان له بيت لاطىّ. قلت:
فقصور 4 أهله و أزواجه و أصحابه بعده؟ قالوا: ما كان لهم إلاّ بيوت لاطّية. و سمعت الله تعالى يقول: (لَقَدْ كاانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اَللّاهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كاانَ يَرْجُوا اَللّاهَ وَ اَلْيَوْمَ اَلْآخِرَ) 5، فأنتم بمن تأسّيتم؛ برسول الله صلّى الله عليه و سلّم، أو بأصحابه، أو بفرعون أوّل من بنى بالجصّ و الآجرّ؟
فخلّوا عنه، و عرفوا أنّه حاتم الأصمّ، و علموا 6 قصده.
و كان كلّما دخل المدينة يكون له مجلس عند قبر النبىّ صلّى الله عليه و سلّم، يحدّث و يدعو، فاجتمع إليه مرّة علماء المدينة، و قالوا: تعالوا نخجله فى مجلسه، كما فعل بنا عند الوالى.

1) لاطى: لاصق بالأرض.
2) لببوه: أخذوه بتلبيبه، أى جمعوا ثيابه عند نحره و صدره ثم جروه.
3) فى ن: «عجمى»، و المثبت فى: س، ط.
4) فى س، ط: «فبيوت»، و التصويب من: ن، و قد مر.
5) سورة الأحزاب 21.
6) فى س: «و عرفوا»، و المثبت فى: ط، ن.

الصفحة 18