كتاب الطبقات السنية في تراجم الحنفية - ت الحلو (اسم الجزء: 3)

19 فحضروا عنده و قد اجتمع إليه خلق كثير، فقال له واحد: يا أبا عبد الرحمن مسألة.
/قال: سل.
قال: ما تقول فى رجل يقول: اللهم ارزقنى.
قال حاتم: متى طلب هذا العبد الرّزق من ربّه عزّ و جلّ، فى الوقت، أو قبل الوقت، أو بعد الوقت؟
فقالوا: يا أبا عبد الرحمن، ليس نفهم عنك هذا.
فقال حاتم: أنا أضرب لكم مثلا حتى تفهموه، مثل العبد الذى طلب 1 الرّزق من ربّه تعالى قبل الوقت كمثل رجل كان له على رجل دين، فطالبه به، وقعد يلازمه، فاجتمع جيرانه و قالوا له: هذا رجل معدم، لا شاء له، فأجّله فى هذا الحقّ حتى يحتال و يعطيك.
فقال لهم: كم تريدون أؤجّله 2؟ قالوا: شهرا. فتركه و انصرف، فلمّا كان بعد عشرة أيام جاء و اقتضاه، فقام جيرانه فقالوا: سبحان اللّه، أجّلته بين أيدينا شهرا، ثم جئت تقتضيه بعد عشرة أيّام. فتركه و انصرف، فلمّا كان محلّ الشّهر جاء فاقتضاه، فقال الجيران: إنّما حلّ لك اليوم، دعه إلى بعد المحلّ ثلاثا. فهذا مثل العبد الذى يطلب الرّزق من ربّه عزّ و جلّ.
ثم قال: عندكم أثاث، و دراهم فى أكياسكم، و طعامكم فى بيوتكم، و أنتم تقولون:
اللهم ارزقنا. فقد رزقكم. كلوا و أطعموا إخوانكم المؤمنين، حتى إذا فنى أقيموا بعده ثلاثا، ثم سلوا ربّكم عزّ و جلّ، عسى أن يموت أحدكم غدا و عنده ما يخلف على الأعداء، و هو يسأل الله 3 أن يزيده فى رزقه، ما هذه الغفلة؟
فقالوا: نستغفر الله يا أبا عبد الرحمن، ما أردنا بالمسألة إلاّ إعناتك. ثم انصرفوا عنه.
هذا ما نقلناه بعد أن اخترناه من كتاب «مناقب الأبرار» لابن خميس 4، رحمه الله

1) فى ن «يطلب» و المثبت فى: س، ط.
2) ساقط من: ن، و هو فى: س، ط.
3) تكملة من: ن، و هو ساقط من: س، ط.
4) مكان: «خميس» بياض فى: ن، و هو فى: س، ط. و هو الحسين بن نصر الكعبى الشافعى، المتوفى سنة اثنتين و خمسين و خمسمائة. انظر: طبقات الشافعية 7/ 18، و وفيات الأعيان 2/ 139، 140، و ذكر له ابن خلكان هذا الكتاب «مناقب الأبرار» و ذكر أنه على أسلوب «رسالة القشيرى».

الصفحة 19