كتاب الطبقات السنية في تراجم الحنفية - ت الحلو (اسم الجزء: 3)

237 يحمل غداءه معه، و يتصدّق به فى الطريق، و يرجع إلى أهله يفطر عشاء، لا يعلمون أنّه صائم.
و قيل: احتجم داود الطّائىّ، فدفع إلى الحجّام دينارا، فقيل له: هذا إسراف.
فقال: لا عبادة لمن لا مروءة له.
و كان محارب بن دثار، يقول: لو كان داود فى الأمم الماضية لقصّ الله علينا من خبره.
و كان ابن المبارك، يقول: و هل الأمر إلاّ ما كان عليه داود.
و عن محمد بن الحسن، أنه قال: كنت آتى داود الطّائىّ فى بيته، فأسأله عن المسألة، فإن وقع فى قلبه أنها ممّا أحتاج إليه لأمر دينى أجابنى فيها، و إن وقع فى قلبه أنّها من مسائلنا هذه تبسّم فى وجهى، و قال: إنّ لنا شغلا 1، إنّ لنا شغلا.
قال أبو نعيم: مات سنة ستين و مائة.
و قال الذّهبىّ: سنة اثنتين و ستين و مائة، و قيل: سنة ستين 2.
و حدّث إسحاق بن منصور السّلولىّ، قال: لمّا مات داود الطائىّ شيّع جنازته الناس، فلمّا دفن قام ابن السّمّاك على قبره، فقال: يا داود، كنت تسهر ليلك 3 إذ الناس ينامون.
فقال الناس جميعا: صدقت. و كنت تربح إذ الناس يخسرون. فقال الناس: صدقت.
و كنت تسلم إذ الناس يخوضون. فقال الناس: صدقت. حتى عدّد فضائله كلّها.
فلما فرغ قام أبو بكر النّهشلىّ، فحمد الله، ثم قال: [يا ربّ] 4 إنّ الناس قد قالوا ما عندهم مبلغ ما علموا، اللّهمّ فاغفر له برحمتك، و لا تكله إلى عمله.
قال بعض الصّلحاء: رأيت داود الطائىّ فى منامى، فقلت: أبا سليمان كيف رأيت خير الآخرة؟.

1) فى ن: «لشغلا» و المثبت فى: ط، و الجواهر المضية 2/ 195.
2) فى ط زيادة: «و مائة» و المثبت فى: ن، و هو منقول عن العبر.
3) فى ن: «و الليل»، و المثبت فى: ط، و تاريخ بغداد 8/ 355.
4) تكملة من: تاريخ بغداد 8/ 355.

الصفحة 237